أَحْسَنُ وَأَبْيَنُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِمَّا فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ شَعْبَانَ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إذَا قُتِلَ وَلَهُ وَلَدُ وَلَدٍ صَغِيرٌ أَنَّ وَصِيَّ الْأَبِ أَوْلَى مِنْ عُمُومَةِ الصَّبِيِّ بِالدَّمِ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَا يَرَى وَصِيَّ الْأَبِ وَصِيًّا عَلَى صِغَارِ الْوَلَدِ الْمُوصَى بِهِمْ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.
وَحَكَى الْقَوْلَيْنِ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِ السَّفِيهِ أُخْتَهُ أَوْ وَلِيَّتَهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي وَثَائِقِهِ فِي تَرْجَمَةِ السَّفِيهِ وَالْمَحْجُورِ وَلَا وَصِيَّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَنَصُّهُ: " وَأَمَّا نِكَاحُ الْوَصِيِّ بَنَاتَ مَحْجُورِهِ فَالرِّوَايَةُ بِذَلِكَ مَنْصُوصَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَمَعْنَاهُ فِي الْأَبْكَارِ وَالثَّيِّبَاتِ اللَّائِي لَمْ يَمْلِكْنَ أُمُورَ أَنْفُسِهِنَّ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَقُولُ: إنَّهُ لَا يَكُونُ وَصِيًّا عَلَى وَلَدِ مَحْجُورِهِ إلَّا بِتَقْدِيمِ السُّلْطَانِ فَعَلَى هَذَا لَا يُزَوِّجُ وَاحِدَةً مِنْ بَنَاتِهِ، وَفِي مَسَائِلِ ابْنِ الْحَاجِّ قَالَ: اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي الرَّجُلِ إذَا كَانَ وَصِيًّا عَلَى سَفِيهٍ فَوُلِدَ لِلسَّفِيهِ وَلَدٌ فَهَلْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَنْظُرَ عَلَى ابْنِ السَّفِيهِ كَمَا يَنْظُرُ عَلَى أَبِيهِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ ابْنُ زَرْبٍ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَقْدِيمٍ. وَخَالَفَ ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ الْقَصَّارِ فِي ذَلِكَ فَقَالَا: إنَّهُ يَنْظُرُ عَلَيْهِ كَمَا يَنْظُرُ عَلَى أَبِيهِ، قَالَ وَالْقَضَاءُ عِنْدَنَا بِذَلِكَ انْتَهَى. وَأَمَّا مُقَدَّمُ الْقَاضِي فَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي بَابِ الْحَجْرِ فِي تَرْجَمَةِ مُقَدَّمِ الْقَاضِي: هَلْ لَهُ التَّكَلُّمُ عَلَى أَوْلَادِ مَحْجُورِهِ دُونَ تَقْدِيمٍ أَمْ لَا؟ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الرِّوَايَاتُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِتَقْدِيمٍ، وَانْظُرْ كِتَابَ الْأَقْضِيَةِ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) إذَا قَدَّمَ الْقَاضِي نَاظِرًا عَلَى الْيَتِيمِ ثُمَّ ظَهَرَ وَصِيٌّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَلَهُ رَدُّ أَفْعَالِهِ، نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ فِي الْوَصَايَا، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا أَوْصَى لِشَخْصٍ ثُمَّ ظَهَرَ شَخْصٌ آخَر بِوَصِيَّةٍ فَانْظُرْهُ.
ص (وَلَا التَّرِكَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْكَبِيرِ) ش وَسَوَاءٌ أَرَادَ الْوَصِيُّ بَيْعَ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ لِتَنْفِيذِ الْوَصَايَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَكَابِرُ حُضُورًا رُفِعَ الْأَمْرُ لِلْحَاكِمِ فَيَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ وَيَأْمُرُ مَنْ يَلِي مَعَهُ الْبَيْعَ لِلْغَائِبِ أَوْ يَقْسِمُ مَا يَنْقَسِمُ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا: وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَلَى الْأَصَاغِرِ التَّرِكَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْأَكَابِرِ، فَإِنْ كَانُوا بِأَرْضٍ نَائِيَةٍ، وَذَلِكَ حَيَوَانٌ أَوْ عُرُوضٌ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ فَأَمَرَ مَنْ يَلِي مَعَهُ الْبَيْعَ لِلْغَائِبِ انْتَهَى. قَالَ فِي الْعُتْبِيَّة فِي رَسْمِ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا: مَسْأَلَةٌ وَسُئِلَ عَنْ الْوَصِيِّ يَبِيعُ الْمَتَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ قَالَ، فَإِنْ كَانُوا كِبَارًا قَدْ رُضِيَ حَالُهُمْ وَنِسَاءً ثَيِّبَاتٍ أَوْ مُتَزَوِّجَاتٍ قَدْ بَرَزْنَ وَرُضِيَ حَالُهُنَّ، فَلَا يَبِيعُ إلَّا بِإِذْنِهِنَّ، فَإِنْ بَاعَ رُدَّ الْمَتَاعُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى بِالْآخَرِينَ الَّذِينَ يُوَلَّى عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُوصِ إلَيْهِ بِهَؤُلَاءِ إنَّمَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاءُ فِي هَذَا الْمَتَاعِ قِيلَ لَهُ: فَإِنْ فَاتَ وَأَصَابَ وَجْهَ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: مَضَى، قَالَ أَصْبَغُ: لَا أَرَى ذَلِكَ وَأَرَى لِلْوَرَثَةِ رَدُّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ ثُلُثُهُ مُوصًى بِهِ مَعَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى تَحْصِيلِ الْمَالِ، وَبَيْعِهِ وَجَمْعِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ إلَّا الْعَقَارَ، وَالرِّبَاعَ فَلَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ دُونَهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ، وَأَنَّهُ مِمَّا يُقْسَمُ وَقِسْمَتُهُ غَيْرُ ضَرَرٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثُلُثٌ عَلَى مَا وَصَفْت فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى الْوَرَثَةِ الْبَالِغِينَ الْمَالِكِينَ حِصَصَهُمْ أَوْ يَأْخُذُونَ مِمَّا بَلَغَ كَالشُّرَكَاءِ فِي السِّلَعِ الْمُفْتَرِقَةِ الَّتِي لَا تُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ فَهُمْ كَالشُّرَكَاءِ الْأَجْنَبِيِّينَ لِلْمَيِّتِ
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا بَاعَ الْوَصِيُّ عَلَى الصِّغَارِ مِنْ الْمَالِ وَالْمَتَاعِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكِبَارِ إنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ مَا لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ فَاتَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بِتَحْوِيلِهِ عَنْ حَالِهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ ثَوْبًا فَيَصْبُغُهُ أَوْ غَزْلًا فَيَنْسِجُهُ أَوْ طَعَامًا فَيَأْكُلُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَصَابَ الْوَصِيُّ وَجْهَ الْبَيْعِ مَضَى، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَنْفُذَ الْبَيْعُ عَلَى الْكِبَارِ بِحَالٍ فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ، وَكَذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ عَلَى الْكِبَارِ بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ أَصَابَ الْبَيْعُ أَوْ لَمْ يُصِبْ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُمْ وَهُمْ أَحَقُّ، وَأَوْلَى بِالنَّظَرِ لِأَنْفُسِهِمْ قَالَ: وَهُمْ أَيْضًا أَوْلَى بِكُلِّ مَا بَاعَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ لَهُمْ رَأْيٌ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مِمَّا يُبَاعُ مِنْ