بِمَالِهِ فَلِلْغَرِيمِ رَدُّ بَعْضِ الْعَبْدِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ.

[تَنْبِيهٌ عِتْقِ الْمِدْيَانِ هَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ]

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ وَقْتُ الْعِتْقِ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَا بِيَدِهِ فَانْظُرْهُ.

(الثَّانِي) ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِغَرِيمَةِ رَدُّهُ أَنَّ ذَلِكَ لِلْغَرِيمِ دُونَ أَمْرِ الْإِمَامِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَرُدُّهُ إلَّا الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاخْتُلِفَ فِي عِتْقِ الْمِدْيَانِ هَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ هُوَ جَائِزٌ مَا لَمْ يُفْلِسْ، وَيَحْجُرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ خَارِجِ الْمَذْهَبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَرُدُّ الْغُرَمَاءُ إنْ أَرَادُوا ذَلِكَ حَتَّى يَرْفَعُوا إلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ الَّذِي يَحْكُمُ بِالرَّدِّ بَعْدَ إثْبَاتِ مُوجِبِ ذَلِكَ عِنْدَهُ، فَإِنْ رَدُّوهُ وَبَاعُوهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرُدُّ بَيْعَهُمْ، وَيَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمْ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مُوجِبُ بَيْعِهِ بَاعَهُ وَإِلَّا تَمَّ عِتْقُهُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَاخِرِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ: وَمَنْ رَدَّ غُرَمَاؤُهُ عِتْقَهُ فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِغُرَمَائِهِ بَيْعُهُمْ دُونَ الْإِمَامِ فَإِنْ فَعَلَ أَوْ فَعَلُوهُ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ بَعْدَ أَنْ أَيْسَرَ رُدَّ الْبَيْعُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي أَوَّلِ الْعِتْقِ.

(الثَّالِثُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ لِلْغَرِيمِ رَدَّ الْعِتْقِ، وَلَوْ طَالَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ: وَأَمَّا عِتْقُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْغُرَمَاءُ وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى طَالَ الْأَمْرُ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَوَرِثَ الْأَحْرَارُ فَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَفَادَ فِي خِلَالِ الْمُدَّةِ مَالًا يُعْلَمُ بِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ مَعَ حُرْمَةِ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَتْ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَيْهِ قَدْ اُسْتُغْرِقَتْ مِنْ تَبَعَاتٍ لَا تُعْلَمُ أَرْبَابُهَا نَفَذَ عِتْقُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَمْ يَرُدَّهُ وَكَانَ الْأَجْرُ لِأَرْبَابِ التَّبَاعَاتِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ انْتَهَى. مِنْ مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ.

(الرَّابِعُ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا بَاعَهُمْ الْإِمَامُ عَلَيْهِ فِي دَيْنِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُمْ بَعْدَ يُسْرِهِ كَانُوا أَرِقَّاءَ وَلَا يُعْتَقُونَ انْتَهَى.

(الْخَامِسُ) قَوْلُهُ: " أَوْ بَعْضِهِ " قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ إلَّا كَامِلًا بِيعَ جَمِيعُهُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَبْقَى قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَصْنَعُ مَا شَاءَ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي عِتْقٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ اللَّخْمِيُّ أَمَّا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمَا وَقِيمَتُهُمَا أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ وَنَحْنُ إنْ بِعْنَا مِنْهُمَا بِالْحِصَصِ لَمْ يَفِيَا بِالدَّيْنِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَيِّهِمَا يُبَاعُ لِلدَّيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(السَّادِسُ) إذَا بَعَّضَ الْعِتْقَ وَأَرَادَ مَالِكُ بَعْضِهِ سَفَرًا وَامْتَنَعَ هُوَ فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، فَقَالَ مَالِكٌ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: إنَّهُ يُسَافِرُ وَيَكْتُبُ لَهُ الْقَاضِي كِتَابًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَبَعٌ لِلرِّقِّ بِدَلِيلِ إجْمَاعِهِمْ أَنَّ أَحْكَامَهُ أَحْكَامُ الرِّقِّ مَا بَقِيَتْ فِيهِ شَائِبَةٌ، وَقَالَ أَيْضًا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الشَّرِكَةِ: إنَّ السَّيِّدَ إنْ كَانَ مَأْمُونًا سَافَرَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَالثَّالِثُ رَوَاهُ الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَالْعَبْدُ مُسْتَعْرِبًا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ نَفْسِهِ مَا يَمْلِكُ الشَّرِيكُ فَصَارَ شَرِيكًا فِي نَفْسِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ مَحْضُ الْقِيَاسِ وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْ أَشْهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَوْ أَرَادَ الِانْتِقَالَ بِهِ إلَى قَرْيَةٍ يَسْكُنُهَا مِنْ الْحَوَاضِرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَرِهَ الْعَبْدُ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَإِذَا قَضَى لَهُ بِالْخُرُوجِ كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَكِرَاؤُهُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِهِ حَتَّى يُقِرَّ قَرَارَهُ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ لَهُ فِيهِ عَمَلٌ وَمُكْتَسَبٌ فَيَكُونُ لَهُ أَيَّامٌ وَلِلسَّيِّدِ أَيَّامٌ انْتَهَى. مِنْ الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِيهِ أَيْضًا مَعْنَى قَوْلِهِ: يَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا أَيْ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي يُسَافِرُ لَهَا وَيَشْهَدُ لَهُ شَاهِدَيْنِ مِمَّنْ يُسَافِرُ مَعَهُ فَيُشْهِدُهُمَا عَلَى الْكِتَابِ وَعَلَى عَيْنِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ بِكِتَابٍ يَكُونُ بِيَدِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ إذْ لَا يُحْكَمُ بِكِتَابِ الْقَاضِي دُونَ بَيِّنَةٍ تَنْقُلُهُ وَتَشْهَدُ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَانْظُرْ مُنْتَخَبَ الْأَحْكَامِ قَبْلَ أَبْوَابِ النِّكَاحِ، وَفِي آخِرِهِ أَيْضًا وَانْظُرْ اللَّخْمِيَّ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الثَّانِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015