لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ مَقِيسٌ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى. وَيَخْرُجُ أَيْضًا بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ " بِلَا حَجْرٍ " الزَّوْجَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، فَإِذَا أَعْتَقَتْ عَبْدًا فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثَ جَازَ، وَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لِلزَّوْجِ رَدَّ الْجَمِيعِ فَإِنْ أَعْتَقَتْ ثُلُثَ عَبْدٍ لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ أَوْ يَمْضِي؟ فِيهِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَانْظُرْهَا فِي رَسْمِ سِنٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْعِتْقِ، وَيَخْرُجُ أَيْضًا الْمَرِيضُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ مَضَى مِنْهُ الثُّلُثُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَخَرَجَ أَيْضًا الْمُرْتَدُّ، قَالَ فِي الشَّامِلِ فِي بَابِ الْحَجْرِ: " وَحُجِرَ لِرِدَّةٍ فَلَا يُعَدُّ تَصَرُّفُ مُرْتَدٍّ حَجْرًا عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ الْكَلَامُ عَلَى الْحَجْرِ بِالرِّدَّةِ.

وَيَخْرُجُ أَيْضًا الْمَدِينُ إذَا فَلَّسَهُ الْإِمَامُ.

وَأَمَّا مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ " وَإِحَاطَةُ دَيْنٍ " قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (فَإِنْ قُلْت) لَا شَكَّ أَنَّ أَحَدَ أَسْبَابِ الْحَجْرِ إحَاطَةُ الدَّيْنِ بِمَالِهِ فَإِذَا انْتَفَى الْحَجْرُ عُمُومًا انْتَفَى كَوْنُ الدَّيْنِ مُحِيطًا.

(قُلْت) : السَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الْفَلَسُ، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ إحَاطَةِ الدَّيْنِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مِنْ الْأَفْعَالِ مَا يَصِحُّ فِعْلُهُ مِنْ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْفَلَسِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَالْحَجْرُ لِأَجْلِ الْفَلَسِ أَخَصُّ مِنْ إحَاطَةِ الدَّيْنِ وَنَفْيُ الْأَخَصِّ الَّذِي هُوَ الْحَجْرُ لِلْفَلَسِ نَفْيٌ لِلْأَعَمِّ الَّذِي هُوَ إحَاطَةُ الدَّيْنِ انْتَهَى.

وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ أَنَّ إحَاطَةَ الدَّيْنِ مِمَّا يَقَعُ بِهِ الْحَجْرُ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ وَالْمَقْصُودُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ: بِلَا حَجْرٍ نَفْيُ مُطْلَقِ الْحَجْرِ لَا نَفْيُ الْحَجْرِ مِنْ الْوُجُودِ وَإِلَّا لَخَرَجَ حَجْرُ الزَّوْجَةِ، وَالْمَرِيضِ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: إنَّمَا يَصِحُّ هَلْ مُرَادُهُ إنَّمَا يَصِحُّ وَيَلْزَمُ أَوْ مُرَادُهُ مُطْلَقُ الصِّحَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَيَرِدُ عَلَيْهِ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْكَافِرَ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ مَعَ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، قَالَ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْهَا فِي تَرْجَمَةِ مَنْ أَعْتَقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قَسْمِهَا: وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ النَّصْرَانِيِّ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ قُضِيَ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ، وَلَوْ دَخَلَ إلَيْنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَكَاتَبَ عَبْدًا لَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ، ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الرِّقِّ أَوْ يَبِيعَهُ فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ: " فَذَلِكَ لَهُ " قَالَ ابْنُ يُونُسَ " وَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَانَهُ عَنْهُ " وَنَحْوُهُ فِي الْجِنَايَاتِ انْتَهَى. وَكَذَلِكَ وَرَدَ فِي رَسْمِ الدُّورِ وَالْمَزَارِعِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مُطْلَقًا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّ لِلنَّصْرَانِيِّ أَنْ يَرْجِعَ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ مَا دَامَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَمَّا أَعْتَقَهُ قَدْ خَلَّى سَبِيلَهُ وَخَرَجَ عَنْ خِدْمَتِهِ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُكَاتَبِ مِنْهَا خِلَافُ مَا فِي جِنَايَتِهَا إنَّ ذَلِكَ لَهُ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي عِتْقِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ خِلَافُ مَا فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ فَتَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ خِدْمَتِهِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِي عِتْقِهِ قَبْلَ إسْلَامِهِ كَانَ لَهُ عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى مَا فِي جِنَايَتِهَا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِي عِتْقِهِ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يَكُنْ خَرَجَ عَنْ خِدْمَتِهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ عَلَى مَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ خِلَافُ مَا فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ مِنْهَا انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ، ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ لَمْ يُمْنَعْ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْعَبْدُ، وَهُوَ فِي يَدِهِ فَيُؤَاجَرُ الْمُدَبَّرُ وَتُبَاعُ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ بَتَّلَ النَّصْرَانِيُّ عِتْقَ عَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَحَنِثَ، قَالَ: إنْ حَنِثَ بِيَمِينِهِ فِي نَصْرَانِيَّتِهِ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَيْمَانِهِ انْتَهَى. فَيَخْرُجُ مِنْ قَوْلِهِ: " وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ إلَى. آخِرِهِ " أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ، وَهُوَ فِي يَدِ سَيِّدِهِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ لَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ الشَّيْخُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015