أَقَرَّ فَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ. قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَهُ أَيْضًا أَبُو الْحَسَنِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهِيَ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ وَنَصُّهَا: وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً وَادَّعَى نِكَاحَهَا وَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا وَقَالُوا عَقَدْنَا النِّكَاحَ وَلَمْ نُشْهِدْ وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُشْهِدَ الْآنَ فَعَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْحَدُّ إلَّا أَنْ يُقِيمَا بَيِّنَةً غَيْرَ الْوَلِيِّ وَإِنْ حَدَّدَتْهُمَا وَهُمَا بِكْرَانِ فَأَرَادَ أَنْ يُحْدِثَا إشْهَادًا عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ وَيُقِيمَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ انْتَهَى. وَيُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ وَيُجَدِّدَا نِكَاحًا فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ وَيُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فُشُوٌّ أَمَّا إذَا حَصَلَ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْحَدَّ كَمَا قَالَ فِي بَابِ النِّكَاحِ. وَقَالَ الشَّارِحُ هُنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَا بَيِّنَةً غَيْرَ الْوَلِيِّ لِلتُّهْمَةِ وَإِنْ جُلِدَا انْتَفَى النِّكَاحُ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ انْتَهَى. وَلَا أَدْرِي مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَأْتَنِفَا نِكَاحًا جَدِيدًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابٌ (قَذْفُ الْمُكَلَّفِ حُرًّا مُسْلِمًا بِنَفْيِ نَسَبٍ عَنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَذْفُ الْأَعَمُّ: نِسْبَةُ آدَمِيٍّ غَيْرَهُ لِزِنَا أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ وَالْأَخَصُّ بِإِيجَابِ الْحَدِّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرَهُ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا أَوْ صَغِيرَةً تُطِيقُ الْوَطْءَ لِزِنَا أَوْ قَطْعِ نَسَبِ مُسْلِمٍ فَيَخْرُجُ قَذْفُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ انْتَهَى. .
(قُلْت) حَدُّهُ الْأَخَصُّ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ قَذْفِ الْمَجْنُونِ فِيهِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَجْنُونًا إذَا كَانَ جُنُونُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ إلَى حِينِ قَذْفِهِ وَلَا يَتَخَلَّلُهُ إفَاقَةٌ. اللَّخْمِيُّ لِأَنَّهُ لَا مَعَرَّةَ عَلَيْهِ لَوْ صَحَّ فِعْلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَمَّا إنْ بَلَغَ صَحِيحًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَإِنَّ قَاذِفَهُ يُحَدُّ وَكَذَلِكَ الْمَجْبُوبُ إذَا كَانَ جَبُّهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ لَا يَعْلَمُ كَذِبَ قَاذِفِهِ فَلَمْ تَلْحَقْهُ مَعَرَّةٌ وَإِنْ كَانَ جَبُّهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ حُدَّ وَكَذَلِكَ الْحَصُورُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ آلَةُ النِّسَاءِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا فِي أَوَائِلِ الرَّجْمِ وَيُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْنُونِ وَكَانَ يَجْرِي لَنَا مُنَاقَضَتُهَا بِقَوْلِهَا فِي الْقَذْفِ كُلُّ مَا لَا يُقَامُ فِيهِ الْحَدُّ لَيْسَ عَلَى مَنْ رَمَى بِهِ رَجُلًا حَدُّ الْفِرْيَةِ وَيُجَابُ بِحَمْلِ قَوْلِهَا فِي الرَّجْمِ عَلَى الْمَجْنُونِ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانَا انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْنُونِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ بَلَغَ صَحِيحًا ثُمَّ جُنَّ اُنْظُرْ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ نَفَى عَبْدًا عَنْ نَفْسِهِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِيهَا وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ لَسْت لِأَبَاكَ ضُرِبَ سَيِّدُهُ الْحَدَّ فَإِنْ كَانَ أَبَوَا الْعَبْدِ مَاتَا وَلَا وَارِثَ لَهُمَا أَوْ لَهُمَا فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَحُدَّ سَيِّدَهُ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ خِلَافٌ فِيهَا أَنَّ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ لَسْت لِأَبِيكَ وَأَبُوهُ مُسْلِمٌ وَأُمُّهُ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ فَتَوَقَّفَ فِيهَا مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى أَنْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ حَمَلَ أَبُوهُ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ إذَا قَذَفَ حُرَّانِ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَطَلَبَ الْعَبْدُ تَعْزِيرَ قَاذِفِهِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِي مِثْلِ هَذَا تَعْزِيرٌ وَيُنْهَى قَاذِفُهُ أَنْ لَا يُؤْذِيَهُ فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَاحِشًا مَعْرُوفًا بِالْأَذَى عُزِّرَ وَأُدِّبَ عَنْ أَذَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ يُؤَدَّبُ قَاذِفُ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ لِإِذَايَتِهِ لَهُ
(مَسْأَلَةٌ) إذَا قَالَ الشَّخْصُ لِوَلَدِهِ لَسْت بِوَلَدِي فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ فِي قِلَّةِ طَاعَتِهِ لَهُ لَيْسَ كَالْأَوْلَادِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ النَّفْيَ عَنْ النَّسَبِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكِلَ وَأَرَادَ نَفْيَ نَسَبِهِ كَانَ فِي كَلَامِهِ قَطْعُ نَسَبِ الْوَلَدِ وَقَذْفٌ لِأُمِّهِ فَأَمَّا قَطْعُ نَسَبِ الْوَلَدِ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ لِوَلَدِهِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْقَذْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ قَالَ لِبَنِيهِ لَيْسُوا بِوَلَدٍ لَهُ وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ عَلَى الْأَبِ حَدًّا فِيمَا إذَا انْتَفَى مِنْ حَمْلِ أَمَتِهِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ الْبَابِ وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفُسِّقَ أَنَّهُ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ