الْوَثِيقَةُ بِخَطِّهِ أَوْ فِيهَا شَهَادَتُهُ فَقَطْ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
قَالَ فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ كَتَبَ: عَلَى رَجُلٍ ذِكْرُ حَقٍّ، وَأَشْهَدَ فِيهِ رَجُلَيْنِ فَكَتَبَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ شَهَادَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِيَدِهِ فِي الذِّكْرِ الْحَقِّ فَهَلَكَ الشَّاهِدُ ثُمَّ جَحَدَ فَأَتَى رَجُلَانِ فَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّهُ كِتَابُهُ بِيَدِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ كِتَابُهُ بِيَدِهِ رَأَيْت أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ الْحَقُّ، وَلَا يَنْفَعُهُ إنْكَارُهُ وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ لَوْ أَقَرَّ ثُمَّ جَحَدَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِإِقْرَارِهِ فَأَرَى أَنْ يَغْرَمَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا بَيِّنٌ عَلَى مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ شَهَادَةُ إقْرَارٍ عَلَيْهَا وَإِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ شَهَادَةٌ عَلَيْهَا وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.
ص (وَإِنْ بِغَيْرِ مَالٍ فِيهِمَا)
ش: هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ جَائِزَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَأَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَمَدَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ وَنَصِّهِ، وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ مَوْلَى ابْنِ الطَّلَّاعِ أَنَّهُ قَالَ: الْأَصْلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخُطُوطِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الْحُقُوقِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْأَحْبَاسِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى. وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ فِي طَلَاقٍ وَلَا عَتَاقٍ وَلَا حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ عَلَى مَا فِي الْوَاضِحَةِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى مِنْ أَوَائِلِ مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَنَقَلَهُ فِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ اُنْظُرْ كَلَامَهُ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي أَثْنَاءِ مَسَائِلِ النِّكَاحِ فِي رَجُلٍ يُقِيمُ عَلَيْهِ بِعَقْدٍ يَتَضَمَّنُ إشْهَادَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَتَى تَزَوَّجَ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَدْ تَزَوَّجَهَا فَأَنْكَرَ الْعَقْدَ فَشَهِدَ شُهُودٌ أَنَّ الْعَقْدَ خَطُّ يَدِهِ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْعَقْدُ الَّذِي قِيمَ عَلَى الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ ثَبَتَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا تَضَمَّنَهُ وَعَجَزَ عَنْ الدَّفْعِ فَاَلَّذِي أَرَاهُ وَأَتَقَلَّدُهُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي مِنْ الْأَقْوَالِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جُرْحَةً تُسْقِطُ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَلْبَتَّةَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ جُرْأَةً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إذْ لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ وَقَالَ: إنَّمَا تَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ يُسَوَّغُ لَهُ لِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ لَعُذِرَ فِيمَا فَعَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جُرْحَةً لَا سِيَّمَا إنْ