عَلَى عِلْمِ ذَلِكَ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ ثُبُوتَهَا بِكِتَابٍ يُقْرَأُ عَلَى الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَنْظُرْ الشُّهُودُ فِي الْكِتَابِ الْمَقْرُوءِ لِجَوَازِ أَنْ يَقْرَأَ الْقَارِئُ مَا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَلَوْ قَرَأَهُ الْإِمَامُ صَحَّتْ (قُلْتُ) سَمَاعُ الْإِمَامِ الْمَقْرُوءَ عَلَيْهِ مَعَ سَمَاعِهِ وَسُكُوتِهِ يَحْصُلُ الْعِلْمُ ضَرُورَةً بِتَوْلِيَتِهِ إيَّاهُ وَنَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَذْهَبِ ثُبُوتَ وِلَايَتِهِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ يَقْرَأُ عَلَى الْإِمَامِ كَذَا فِي النُّسْخَةِ الَّتِي رَأَيْت مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ بَحْثُهُ وَاَلَّذِي فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَانْظُرْ نَوَازِلَ ابْنِ رُشْدٍ فِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ (السَّادِسُ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: إذَا كَانَ الْقَاضِي الْمُوَلَّى غَائِبًا وَقْتَ الْوِلَايَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبُولُهُ عَلَى التَّرَاخِي عِنْدَ بُلُوغِ التَّقْلِيدِ إلَيْهِ وَعَلَامَةُ الْقَبُولِ شُرُوعُهُ فِي الْعَمَلِ وَبِهَذَا جَرَى عَمَلُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ إلَى وَقْتِنَا هَذَا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: فَرْعٌ، قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ انْعِقَادُ وِلَايَةِ الْقَاضِي بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ كَالْوَكَالَةِ، وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِيهِ قَالُوا فَإِنْ كَانَ التَّقْلِيدُ بِاللَّفْظِ مُشَافَهَةً فَالْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ لَفْظًا كَالْإِيجَابِ وَفِي الْمُرَاسَلَةِ يَجُوزُ عَلَى التَّرَاخِي بِالْقَبُولِ قَالُوا وَفِي الْقَبُولِ بِالشُّرُوعِ فِي النَّظَرِ خِلَافٌ وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِي الْجَوَازَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ، انْتَهَى.
(السَّابِعُ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إذَا انْعَقَدَتْ الْوِلَايَةُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَوَلِّي النَّظَرُ حَتَّى تَشِيعَ وِلَايَتُهُ فِي عَمَلِهِ لِيُذْعِنُوا لَهُ وَهُوَ شَرْطٌ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ، وَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ تَقْتَضِي مَا قَالُوهُ فَإِنَّ التَّمَكُّنَ وَالْعِلْمَ شَرْطَانِ فِي التَّكْلِيفِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا فَالشِّيَاعُ يُوجِبُ لَهُ الْمُكْنَةَ وَالْعِلْمَ لَهُمْ، انْتَهَى.
(الثَّامِنُ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يَرَى غَيْرَ رَأْيِهِ فِي الِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ وَلَوْ شَرَطَ الْحُكْمَ بِمَا يَرَاهُ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَالتَّوْلِيَةُ صَحِيحَةً، قَالَ الْبَاجِيُّ كَانَ فِي سِجِلَّاتِ قُرْطُبَةَ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا وَجَدَهُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يَرَى غَيْرَ رَأْيِهِ كَالْمَالِكِيِّ يُوَلِّي شَافِعِيًّا أَوْ حَنَفِيًّا وَلَوْ شَرَطَ أَيْ: الْإِمَامُ عَلَى الْقَاضِي الْحُكْمَ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ اجْتِهَادٍ لَهُ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَصَحَّ الْعَقْدُ، وَهَكَذَا نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الطُّرْطُوشِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَقْدُ غَيْرُ جَائِزٍ وَيَنْبَغِي فَسْخُهُ وَرَدُّهُ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا، وَهَكَذَا فَرَضَ الْمَازِرِيُّ الْمَسْأَلَةَ فِيهِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقَلِّدًا وَكَانَ مُتَّبِعًا لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَاضْطُرَّ إلَى وِلَايَةِ قَاضٍ مُقَلِّدٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَهُ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَيَأْمُرَهُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى فِي قَضَائِهِ مَذْهَبَ مَالِكٍ
لِمَا
يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ فِي أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِقْلِيمِ وَالْبَلَدِ الَّذِي هَذَا الْقَاضِي مِنْهُ وُلِّيَ عَلَيْهِمْ وَقَدْ وَلَّى سَحْنُونٌ رَجُلًا سَمِعَ بَعْضَ كَلَامِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى الْحُكْمَ بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ، قَالَ الْبَاجِيُّ: كَانَ فِي سِجِلَّاتِ قُرْطُبَةَ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ قَوْلِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، مَا وَجَدَهُ، هَكَذَا نَقَلَهُ الطُّرْطُوشِيُّ عَنْ الْبَاجِيِّ وَهُوَ جَهْلٌ عَظِيمٌ مِنْهُمْ يُرِيدُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَمَا نُقِلَ عَنْ سَحْنُونٍ مِنْ وِلَايَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ قَوْلَهُمْ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ عَلَى اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا: وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ عَلَى مُسْتَخْلِفِهِ الْحُكْمُ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ خَالَفَ مُعْتَقَدَ الْمُسْتَخْلِفِ اجْتِهَادًا أَوْ تَقْلِيدًا فَخَرَجَ عَلَى شَرْطِ ذَلِكَ الْإِمَامِ فِي تَوْلِيَتِهِ قَاضِيَهُ عَلَيْهِ فِي صِحَّتِهِ وَبُطْلَانِ تَوْلِيَتِهِ بِذَلِكَ، ثَالِثُهَا يَبْطُلُ الشَّرْطُ فَقَطْ لِظَاهِرِ نَقْلِهِمْ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ وَلَّى رَجُلًا سَمِعَ بَعْضَ كَلَامِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْمَازِرِيُّ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِ الرَّجُلِ مُجْتَهِدًا مَعَ نَقْلِ الْبَاجِيِّ كَانَ الْوُلَاةُ عِنْدَنَا بِقُرْطُبَةَ يَشْتَرِطُونَ عَلَى مَنْ وَلَّوْهُ الْقَضَاءَ فِي سِجِلِّهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا وَجَدَهُ وَالطُّرْطُوشِيِّ لِقَوْلِهِ فِيمَا حَكَاهُ الْبَاجِيُّ هَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ مَعَ تَخْرِيجِهِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ بِإِبْطَالِ فَاسِدِ الشَّرْطِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ مَعَ صِحَّةِ