وَاقِعٌ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ ثَبَتَ لَهُ أَبٌ بِالْبَيِّنَةِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ ثَبَتَ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْبَاجِيُّ وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ الْبَيِّنَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي التَّصْدِيقِ فِي الِاسْتِلْحَاقِ، انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ التَّهْذِيبِ نَحْوُ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَنَبَّهَ عَلَيْهَا أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ ثَبَتَ لَهُ أَبٌ بِالْبَيِّنَةِ طَرَحَهُ عَمْدًا لَزِمَتْهُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطْرَحْهُ أَوْ طَرَحَهُ بِلَا عَمْدٍ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ إنَّمَا تَكَلَّمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ عَلَى الْمَفْهُومِ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَوْنُهُ لَمْ يَطْرَحْهُ وَكَذَا الشَّارِحُ بَهْرَامُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ.
، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ الْتَقَطَ لَقِيطًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَأَتَى رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنَهُ فَلَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ بِمَا أَنْفَقَ إنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا فِي حِينِ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ هَذَا إنْ تَعَمَّدَ الْأَبُ طَرْحَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ طَرَحَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي صَبِيٍّ ضَلَّ عَنْ وَالِدِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَلَا يَتْبَعُ أَبَاهُ بِشَيْءٍ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْ طَرْحَهُ كَأَنَّهُ يَقُولُ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتِك فِي الَّذِي لَمْ يَتَعَمَّدْ الْأَبُ طَرْحَهُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إلَى آخِرِهِ، أَيْ: وَوَجَبَ لِلْمُنْفِقِ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِي اللَّقِيطِ إذَا طَرَحَهُ عَمْدًا أَمَّا إنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فَلِأَنَّ النَّفَقَةَ بِالْأَصَالَةِ عَلَى الْأَبِ وَطَرْحَهُ لَا يُسْقِطُهَا وَأَمَّا إنَّهُ إذَا لَمْ يَطْرَحْهُ أَوْ طَرَحَهُ بِوَجْهٍ كَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَّ مَنْ طَرَحَ ابْنَهُ يَعِيشُ لَهُ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَلِأَنَّ أَخْذَ الْمُلْتَقِطِ لَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مَنْعٌ مِنْ إنْفَاقِ الْأَبِ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا طَرَحَهُ بِوَجْهٍ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ مَعَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَبَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ قَيْدَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ، الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ حِينَ الْإِنْفَاقِ مُوسِرًا وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي فَصْلِ النَّفَقَةِ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ. الْقَيْدُ الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ الْمُنْفِقُ أَنْفَقَ حِسْبَةً وَهَذَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، أَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً) ش يَعْنِي إذَا طَرَحَهُ أَبُوهُ عَمْدًا وَلَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ فَادَّعَى عَلَى الْمُنْفِقِ أَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ حِسْبَةً وَادَّعَى الْمُنْفِقُ عَدَمَ الْحِسْبَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: مَعَ يَمِينِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِيَمِينٍ، انْتَهَى. يَظْهَرُ أَنَّهُ بَحْثٌ مِنْ عِنْدِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ كَمَا عَلِمْت وَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ (تَنْبِيهٌ) اُنْظُرْ لَوْ اخْتَلَفَا فِي طَرْحِهِ فَادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّ أَبَاهُ طَرَحَهُ عَمْدًا وَأَنْكَرَهُ الْأَبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أَشْبَهَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي عُسْرِ الْأَبِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ أَوْ يُسْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ)
ش: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُلْتَقِطُ إلَّا بِتَخْصِيصِ الْإِمَامِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: وَأَرْشُ خَطَئِهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَالْأَرْشُ لَهُ، انْتَهَى.
ص (كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا بَيْتَانِ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ)
ش: قَالَ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا الْبَيْتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ فَمَفْهُومُهُ أَنْ لَوْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْيِينِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ هَذِهِ الصُّورَةَ لِلْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُسَاوِينَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ التَّسَاوِي أَنْ يُحْمَلَ اللَّقِيطُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَوْ الْتَقَطَهُ مُشْرِكٌ، انْتَهَى. وَمَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا قَرِيبًا مِنْ التَّسَاوِي لَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ وَانْظُرْ قَوْلَهُمْ الْبَيْتَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا إلَّا وَاحِدٌ