إلَى الْمُصَدِّقِ مِلْكًا انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ قَوْلُهُمْ لَوْ اخْتَلَطَ عَدَدٌ مَحْصُورٌ بِعَدَدٍ مَحْصُورٍ أَوْ بِغَيْرِ مَحْصُورٍ هَذَا اللَّفْظُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَقَلَّ مَنْ يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَقَدْ نَقَلْت فِي الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّيْدِ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِيهِ. قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ إنْ قُلْت كُلُّ عَدَدٍ فَهُوَ مَحْصُورٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَلَوْ أَرَادَ إنْسَانٌ حَصْرَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَقَدَرَ عَلَيْهِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُمْ فَاعْلَمْ أَنَّ تَحْرِيرَ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَإِنَّمَا يُضْبَطُ بِالتَّقْرِيبِ فَنَقُولُ كُلُّ عَدَدٍ لَوْ اجْتَمَعَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ لَعَسَرَ عَلَى النَّاظِرِ عَدَدُهُ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ كَالْأَلْفِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَحْصُورٍ وَمَا سَهُلَ كَالْعَشَرَةِ وَالْعِشْرِينَ فَهُوَ مَحْصُورٌ وَبَيْنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْسَاطٌ مُتَشَابِهَةٌ تَلْحَقُ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بِالظَّنِّ وَمَا وَقَعَ الشَّكُّ فِيهِ اسْتَفْتِ فِيهِ الْقَلْبَ هَذَا كَلَامُ الْغَزَالِيِّ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّمْهِيدِ قَالَ مَالِكٌ إذَا أَعْطَى فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ هُوَ لَك فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَكِبَهُ وَرَدَّهُ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ ثَمَنِهِ فِي غَيْرِ سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ شَأْنَك بِهِ فَافْعَلْ بِهِ مَا أَرَدْت فَإِنْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَأَرَاهُ مَالًا مِنْ مَالِهِ يَعْمَلُ بِهِ فِي غَزْوِهِ إذَا هُوَ بَلَغَهُ مَا يَعْمَلُ بِهِ فِي مَالِهِ. قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى ذَهَبَا أَوْ وَرِقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِيمَنْ أُعْطِيَ مَالًا يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنَّهُ يُنْفِقُهُ فِي الْغَزْوِ فَإِنْ فَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ بَعْدَ مَا مَرَّ غَزْوُهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِنَفْسِهِ وَأَعْطَاهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا انْتَهَى مِنْ شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّادِسَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَا جُعِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ الْعَلَفِ وَالطَّعَامِ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ إلَّا أَهْلُ الْحَاجَةِ وَمَا جُعِلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْمَاءِ فَلْيَشْرَبْ مِنْهُ كُلُّ أَحَدٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ عُمُومُ النَّاسِ وَلَا مَهَانَةَ فِيهِ انْتَهَى.
قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ مَسْأَلَةٌ فَإِنْ قِيلَ مَا تَقُولُونَ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ تُوجَدُ عَلَى ظُهُورِهَا وَهَوَامِشِهَا كِتَابَةُ الْوَقْفِ هَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِكَوْنِهَا وَقْفًا بِذَلِكَ قِيلَ هَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَإِنْ رَأَيْنَا كُتُبًا مَوْدُوعَةً فِي خِزَانَةٍ فِي مَدْرَسَةٍ وَعَلَيْهَا كِتَابَةُ الْوَقْفِ وَقَدْ مَضَى عَلَيْهَا مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ كَذَلِكَ وَقَدْ اشْتَهَرَتْ بِذَلِكَ لَمْ يُشَكَّ فِي كَوْنِهَا وَقْفًا وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَدْرَسَةِ فِي الْوَقْفِيَّةِ فَإِنْ انْقَطَعَتْ كُتُبُهَا أَوْ فُقِدَتْ ثُمَّ وُجِدَتْ وَعَلَيْهَا تِلْكَ الْوَقْفِيَّةُ وَشُهْرَةُ كُتُبِ الْمَدْرَسَةِ فِي الْوَقْفِيَّةِ مَعْلُومَةٌ فَيَكْفِي فِي ذَلِكَ الِاسْتِفَاضَةُ وَيَثْبُتُ مَصْرِفُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَأَمَّا إذَا رَأَيْنَا كُتُبًا لَا نَعْلَمُ مَقَرَّهَا وَلَا نَعْلَمُ مَنْ كَتَبَ عَلَيْهَا الْوَقْفِيَّةَ فَهَذِهِ يَجِبُ التَّوَقُّفُ فِي أَمْرِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهَا وَهُوَ عَيْبٌ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ الرَّدُّ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَيَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يُوجَدُ عَلَى أَبْوَابِ الرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ وَالْأَحْجَارِ الْمَكْتُوبَةُ عَلَيْهَا الْوَقْفِيَّةُ وَتَخْلِيصُ شُرُوطِهَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَحْجَارُ قَدِيمَةً وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي لِذَلِكَ الْوَقْفِ فِي مَصْرِفِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ كِتَابُ الْوَقْفِ انْتَهَى مِنْ التَّبْصِرَةِ انْتَهَى كَلَامُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَقَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَرَجَعَ إنْ انْقَطَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ)
ش: فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْمُرْجِعِ أَغْنِيَاءَ فَقِيلَ يَرْجِعُ إلَى أَوْلَى