مِنْ طُولِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَحَالَفَا، وَفُسِخَ الْكِرَاءُ، وَعَلَى الْمُكْتَرِي قِيمَةُ كِرَاءِ مَا سَكَنَ، وَإِنْ أَتَيَا بِمَا يُشْبِهُ صُدِّقَ رَبُّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ اُنْتُقِدَ مَعَ يَمِينِهِ انْتَهَى.
فَجَعَلَهُ إذَا أَتَى رَبُّ الْأَرْضِ بِمَا يُشْبِهُ لَا يَنْفَسِخُ، وَكَذَا إذَا أَتَيَا مَعًا بِمَا يُشْبِهُ، فَيَكُونُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا لَمْ يُنْتَقَدْ فَمِنْ الشُّيُوخِ مَنْ حَمَلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُنْتَقَدْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إنْ اُنْتُقِدَ فَلَا يُفْسَخُ يُرِيدُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَيَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُوَافِقًا لِقَوْلِ الْغَيْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُفْسَخُ مُطْلَقًا، وَيَكُونُ قَوْلُ الْغَيْرِ خِلَافًا، وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ فَإِنَّهُ قَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَ الْغَيْرُ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا قَوْلَهُ: إذَا أَشْبَهَ قَوْلُ رَبِّهَا، أَوْ أَشْبَهَ مَا قَالَا أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْكُنَ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي فَهَذَا يُخَالِفُ فِيهِ ابْنَ الْقَاسِمِ وَيَرَى أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَسِلْعَةٍ قَائِمَةٍ لَمْ تُقْبَضْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (بَابٌ) (صِحَّةُ الْجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا عُلِمَ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْجُعْلُ عَلَى عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ عَلَى عَمَلِ آدَمِيٍّ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ بِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِهِ لَا بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، فَيَخْرُجُ كِرَاءُ السُّفُنِ، وَالْمُسَاقَاةُ، وَالْقِرَاضُ وَقَوْلُنَا بِهِ خَوْفَ نَقْضٍ عَكَسَهُ بِقَوْلِهِ: إنْ أَتَيْتَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَمَلُهُ كَذَا، أَوْ خِدْمَتُهُ شَهْرًا؛ لِأَنَّهُ جُعْلٌ فَاسِدٌ لِجَهْلِ عِوَضِهِ وَالْمَعْرُوفُ حَقِيقَتُهُ الْمَعْرُوضَةُ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، أَوْ جَزَاءٌ مِنْهُ مُعَاوَضَةً عَلَى عَمَلِ آدَمِيٍّ يَجِبُ عِوَضُهُ بِتَمَامِهِ لَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَتَخْرُجُ الْمُسَاقَاةُ وَالْإِجَارَاتُ لِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ بِبَعْضِهِ فِيهِمَا، وَالْقِرَاضُ لِعَدَمِ وُجُوبِ عِوَضِهِ لِجَوَازِ تَجْرِهِ، وَلَا رِبْحٌ وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ جَعْلُ الرَّجُلِ جُعْلًا عَلَى عَمَلِ رَجُلٍ لَوْ لَمْ يُكْمِلْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يُنْتَقَضُ بِالْقِرَاضِ انْتَهَى.
وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِهِ يَعُودُ لِلْعَمَلِ أَيْ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحِلِّ الْعَمَلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَتَخْرُجُ الْمُغَارَسَةُ وَالْقِرَاضُ؛ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ نَاشِئٍ عَنْ مَحِلِّ الْعَمَلِ لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ الْعِوَضُ نَاشِئًا بِسَبَبِ الْعَمَلِ فَتَأَمَّلْهُ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْأَصْلُ فِي الْجَعَالَةِ قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] وَحَدِيثُ الرُّقْيَةِ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ قُلْت تَمَسَّكَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاخِ الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ الْجُعْلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِجَوَازِ كَوْنِ