وَقَدْ خَبَرَا الْأَرْضَ، وَإِنْ لَمْ يَخْبُرَاهَا لَمْ يَجُزْ قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ عَرَفَا الْأَرْضَ بِلِينٍ، أَوْ شِدَّةٍ، أَوْ جَهِلَاهَا مَعًا جَازَ، وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا، وَجَهِلَهُ الْآخَرُ لَمْ يَجُزْ الْجُعْلُ فِيهِ انْتَهَى.
وَهَذَا كَالنَّصِّ فِي حَمْلِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْجُعْلِ لِذِكْرِهِ عَلَيْهَا نَقْلَ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْجُعْلِ (قُلْت:) لَفْظُهَا فِي الْأُمِّ قُلْت: إنْ اسْتَأْجَرْت مَنْ يَحْفِرُ لِي بِئْرًا بِمَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ قَالَ: إنْ خَبَرُوا الْأَرْضَ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ لَمْ يَخْبُرُوهَا فَلَا خَيْرَ فِيهِ كَذَا سَمِعْت مَالِكًا وَسَمِعْتُهُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى حَفْرِ فُقُرِ النَّخْلِ يَحْفِرُهَا إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءَ إنْ عَرَفَا الْأَرْضَ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفَاهَا فَلَا أُحِبُّهُ قُلْتُ: فَلَفْظُ الْإِجَارَةِ مَعَ ذِكْرِ فُقُرِ النَّخْلِ كَالنَّصِّ فِي عَدَمِ الْجُعْلِ؛ لِأَنَّ حَفْرَ فُقُرِ النَّخْلِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ دَائِمًا، أَوْ غَالِبًا، وَالْجُعْلُ عَلَى الْحَفْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يَكُونُ فِيمَا يَمْلِكُهُ الْجَاعِلُ.
وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِمُسْتَأْجِرٍ لَمْ يَجُزْ فِيهَا جُعْلٌ عَلَى بِنَاءٍ، أَوْ حَفْرٍ، وَمَا نَسَبَهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ إيهَامِ الْعُمُومِ مِثْلُهُ لَفْظُ الْمُقَدِّمَاتِ وَالتَّلْقِينِ اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ بِلَفْظِهِ
ص (كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرٍ دَابَّةً، أَوْ ثَوْبًا لِمِثْلِهِ)
ش: كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهِيَ بَيِّنَةٌ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرٍ دَابَّةً، أَوْ لِفَظٍّ لِمِثْلِهِ بِأَوْ الْعَاطِفَةِ وَلِفَظٍّ فَاللَّامُ الْجَرِّ وَلِفَظٍّ مِنْ الْفَظَاظَةِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ غَلِقَةٌ، وَلَعَلَّهُ وَقَعَ فِيهَا تَقْدِيمٌ، أَوْ عَلَى لِفَظٍّ غَلَطًا مِنْ النَّاسِخِ، وَيَكُونُ أَصْلُهَا لِفَظٍّ أَوْ لِمِثْلِهِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُؤْجِرَهَا لِفَظٍّ، أَوْ لِمِثْلِهِ، وَيَكُونُ الْمُؤَلِّفُ فِي عُهْدَةِ أَنَّ إجَارَتَهَا لِفَظٍّ مَكْرُوهٌ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ كَرِهَ إجَارَتَهَا لِمِثْلِهِ، أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ، وَأَمَّا مَنْ هُوَ أَفَظُّ مِنْهُ، أَوْ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الْأَمَانَةِ، فَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا، وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ، وَنَصَّ عَلَى الْمَنْعِ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَصْبَغَ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لِمِثْلِهِ، أَوْ أَخَفَّ كَانَ جَارِيًا عَلَى لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَلِمَالِكٍ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ إجَازَةُ كِرَاءِ الدَّابَّةِ لِمِثْلِهِ، أَوْ أَخَفَّ (تَنْبِيهٌ:) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا اكْتَرَاهَا لِلرُّكُوبِ قَالَ فِي الْإِجَارَةِ مِنْهَا وَكَرِهَ مَالِكٌ لَمُكْتِرِي الدَّابَّةِ لِرُكُوبِهِ كِرَاءَهَا مِنْ غَيْرِهِ كَانَ مِثْلَهُ، أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ، فَإِنْ أَكْرَاهَا لَمْ أَفْسَخْهُ، وَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ أَكْرَاهَا فِيمَا اكْتَرَاهَا فِيهِ مِنْ مِثْلِهِ فِي حَالِهِ وَأَمَانَتِهِ وَخِفَّتِهِ، وَلَوْ بَدَا لَهُ عَنْ السَّفَرِ، أَوْ مَاتَ أُكْرِيَتْ مِنْ مِثْلِهِ، وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ، وَلَيْسَ كَكِرَاءِ الْحَمُولَةِ وَالسَّفِينَةِ وَالدَّارِ هَذَا لَهُ أَنْ يُكْرِيَ ذَلِكَ مِنْ مِثْلِهِ فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَاهَا لَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ انْتَهَى.
وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ جَوَازَ كِرَائِهَا إذَا كَانَتْ مُكْتَرَاةً لِلْحَمْلِ بِأَنْ يَصْحَبَهَا رَبُّهَا فِي السَّفَرِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُكْتَرِي هُوَ الَّذِي يُسَافِرُ بِهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لِلرُّكُوبِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَبِلَهُ، وَزَادَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّهَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا يَسُوقُهَا بِنَفْسِهِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ، وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ كِرَاءَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَ اكْتَرَاهَا لِلرُّكُوبِ، أَوْ لِلْحَمْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَعْلَمَ صَاحِبُهَا، فَإِنْ أَعْلَمَهُ وَسَلَّمَ أَنَّ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ أَكْرَاهَا، وَإِنْ كَرِهَ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَنَعَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ أَمْضَى كِرَاءَهُ، وَمُكِّنَ الثَّانِي، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهَا حَتَّى سَافَرَ الثَّانِي، أَوْ عَلِمَ، وَغَلَبَهُ نُظِرَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ لَوْ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ مَكَّنَهُ مِنْ السَّفَرِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْمُتَعَدِّي، فَإِنْ سُلِّمَتْ أَخَذَهُ بِفَضْلِ كِرَاءِ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ حَدَثَ عَيْبٌ ضَمِنَهُ إنْ كَانَ الْعَيْبُ لِأَجْلِ رُكُوبِهِ، وَإِذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي كِرَائِهَا مِنْ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَادَّعَى ضَيَاعَهَا ضَمِنَ الْأَوَّلُ:؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أُذِنَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ عَدِيمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّانِي عَالِمًا بِتَعَدِّيهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَاخْتُلِفَ إنْ حَدَثَ عَيْبٌ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ الرُّكُوبِ هَلْ