جَدِيدَةً مَأْمُونَةَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً فَدُونَ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُ يَأْمَنُ سَلَامَتَهَا فِي الْغَالِبِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْعَبِيدِ، فَأَجَازَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْعِشْرِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَمَنَعَهُ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعِشْرِينَ، وَأَرَى أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى سِنِّ الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ يُخْتَلَفُ فِي إجَارَتِهَا بِاخْتِلَافِ الْعَادَةِ فِي أَعْمَارِهَا فَالْبِغَالُ أَوْسَعُهَا أَجَلًا؛ لِأَنَّهَا أَطْوَلُ أَعْمَارًا، وَالْحَمِيرُ دُونَ ذَلِكَ، وَالْإِبِلُ دُونَ ذَلِكَ، وَالْمَلَابِسُ فِي الْأَجَلِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَيَفْتَرِقُ الْأَجَلُ فِي الْحَرِيرِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَالْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ فَيُضْرَبُ مِنْ الْأَجَلِ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِهِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ:) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ عَشْرَ سِنِينَ لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتَرِيَهُ عَشْرَ سِنِينَ أَبُو الْحَسَنِ: مَعْنَاهُ، وَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ، وَأَمَّا الْمُوصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ حَيَاتَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَهُ عَشْرَ سِنِينَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ بِالنَّقْدِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُنْقَدْ فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا عَمِلَ أَخَذَ بِحِسَابِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَيَوْمٌ، أَوْ خِيَاطَةُ ثَوْبٍ مَثَلًا وَهَلْ تَفْسُدُ إنْ جَمَعَهُمَا وَتُسَاوَيَا، أَوْ مُطْلَقًا خِلَافٌ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَتْ صَنْعَةً يَجُوزُ أَنْ تُقَيَّدَ بِالزَّمَنِ كَخِيَاطَةِ يَوْمٍ مَثَلًا، أَوْ بِمَحِلِّ تِلْكَ الصَّنْعَةِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ التَّقْيِيدِ بِالْمَحِلِّ وَالزَّمَنِ فَقَالَ فِي الْبَيَانِ فِي شَرْحِ أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ مُشْكِلًا فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الْإِشْكَالُ فِي أَنَّ الْعَمَلَ يُمْكِنُ تَمَامُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ، فَقَدْ قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَالْمَشْهُورُ: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنَّهُ اخْتَارَ الْقَوْلَ بِإِمْضَاءِ هَذِهِ الْعُقْدَةِ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي قَالَهُ مَنْ يُرْتَضَى مِنْ الشُّيُوخِ: أَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ الْإِجَارَةُ إنْ كَانَ أَوْسَعَ مِنْ الْعَمَلِ بِكَثِيرٍ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي الْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ أَضْيَقَ بِكَثِيرٍ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي الْمَنْعِ، وَإِنْ كَانَ الزَّمَنُ مُسَاوِيًا لِمِقْدَارِ الْعَمَلِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي تَعْيِينِ الْمَشْهُورِ مِنْهَا انْتَهَى.
بِاخْتِصَارٍ، فَالضَّيِّقُ لَا يَجُوزُ وَالْمُسَاوِي لَا يَجُوزُ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِاتِّفَاقٍ، وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِالْفَسَادِ فِيهِ لِقُوَّةِ الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لِحِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ، وَالْوَاسِعُ يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِاتِّفَاقٍ وَيُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَى اتِّفَاقِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا، وَمَشْهُورِ ابْنِ رُشْدٍ أَشَارَ بِالْخِلَافِ، وَالضَّيِّقُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَاضِحُ الْفَسَادِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَحْكِ مَعَ التَّسَاوِي قَوْلًا بِالْجَوَازِ عُلِمَ أَنَّ الضَّيِّقَ أَحْرَى مِنْهُ