الْإِجَارَةُ وَالْحَمَّامُ وَالْفُرْنُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَوَابُّ، وَلَا آلَةُ الطَّحْنِ كَانَ مَا يُؤَاجَرُ بِهِ لِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَا بِدَوَابِّهِمَا وَيَشْتَرِي الْحَطَبَ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِهِمَا، أَوْ مِنْ غَلَّتِهِمَا فَمَا أَصَابَ لِرَبِّهِمَا وَلِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ قَيِّمٌ فِيهِمَا، وَكَذَا الْفُنْدُقُ مَا أَكْرَى بِهِ مَسَاكِنُهُ لِرَبِّهِ، وَلِلْقَيِّمِ إجَارَتُهُ انْتَهَى.
(الثَّانِي:) لَا فَرْقَ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَالَ: اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي، أَوْ فِي سَفِينَتِي أَوْ إبِلِي وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ لِي، أَوْ لَا يَقُولَهَا عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ وَصَرِيحُ رِوَايَةِ الدَّبَّاغِ، وَفِي الْجَلَّابِ إذَا قَالَ: اعْمَلْ لِي كَانَ الْكَسْبُ كُلُّهُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ قَالَ عِيَاضٌ وَالصَّوَابُ: الْأَوَّلُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لِي، أَوْ لَمْ يَقُلْهَا إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ (الثَّالِثُ:) إذَا أُصِيبَ مَا عَمِلَ عَلَيْهَا قَبْلَ بَيْعِهِ فَهُوَ مِنْ الْعَامِلِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ (الرَّابِعُ:) إذَا قَالَ: اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الصَّقَلِّيُّ: لَوْ عَمِلَ، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلِابْنِ حَبِيبٍ إنْ عَرَفَ أَنَّهُ عَاقَهُ عَائِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُكْرِهَا بِشَيْءٍ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ (قُلْت:) وَهَذَا نَحْوُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْقَرْضِ عَلَى الْأَدَاءِ مِنْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ يُتَعَذَّرُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْقِرَاضِ، وَقَالَ قَبْلَهُ اللَّخْمِيُّ: إنْ قَالَ أَكْرِ دَابَّتِي وَلَكَ نِصْفُ مَا تُكْرِيهَا بِهِ فَمَضَى بِهَا، ثُمَّ رَدَّهَا وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ كِرَاؤُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ وَالْحُكْمُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَلَا يُتِمُّ ذَلِكَ الْفَاسِدَ (الْخَامِسُ:) لَوْ قَالَ: أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا كَانَ الْكَسْبُ لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّهَا كِرَاءُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى عَلَى مَنَافِعِ الدَّابَّةِ عَلَى غَيْرِ مَا أُذِنَ لَهُ، وَإِنْ قَالَ: اعْمَلْ عَلَيْهَا فَأَكْرَاهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِلْأَجِيرِ، وَلِرَبِّهَا إجَارَةُ الْمِثْلِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ: مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِرَبِّهَا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ مَنَافِعِهَا مِنْهُ انْتَهَى.
مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ (السَّادِسُ:) مِنْ هَذَا الْبَابِ لَوْ قُلْت لَهُ: بِعْ سِلْعَتِي وَالثَّمَنُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، أَوْ مَا زَادَ عَلَى مِائَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَالثَّمَنُ لَهُ، وَلِلْبَائِعِ أَجْرُ مِثْلِهِ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ الْفَرْقُ بَيِّنٌ إنْ وَقَفَ وَسَاوَمَ، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ فَالْأَشْبَهُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ أَنَّهُ جُعْلٌ فَاسِدٌ، وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ: أَبُو الْحَسَنِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْجُعْلَ الْفَاسِدَ يُرَدُّ إلَى صَحِيحِ أَصْلِهِ، وَعَلَى أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى صَحِيحِ غَيْرِهِ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ.
ص (وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا)
ش: وَكَذَا إنْ قَالَ: لَكَ نَقْلَةٌ، وَلِي نَقْلَةٌ، أَوْ مَا تَنْقُلُ الْيَوْمَ لِي وَغَدًا لَكَ أَوْ تَعْمَلُ عَلَيْهَا الْيَوْمَ لِي، وَتَبِيعُهُ وَتَعْمَلُ عَلَيْهَا غَدًا لَكَ، فَإِنْ شِئْت بِعْتَهُ، وَإِنْ شِئْت أَخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) إذَا قَالَ: بِنِصْفِ مَا تَحْتَطِبُ عَلَيْهَا لِي جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُفْسِدُهُ كَقَوْلِهِ، وَلَا تَأْخُذْ نِصْفَكَ إلَّا بَعْدَ بَيْعِهِ مُجْتَمِعًا، أَوْ نَقْلِهِ لِمَوْضِعِ كَذَا مُجْتَمِعًا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ
(الثَّانِي:) إذَا وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الْفَاسِدِ فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّهَا بِنِصْفِ إجَارَةِ مِثْلِهِ وَيَغْرَمُ لِرَبِّهَا نِصْفَ كِرَاءِ الدَّابَّةِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا (الثَّالِثُ:) إذَا قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهَا الْيَوْمَ لِي وَغَدًا لَكَ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَيْضًا اللَّخْمِيُّ، فَإِنْ عَمِلَ الْيَوْمَ