وَعَزَا الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِلْقَرَافِيِّ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ:) يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ إذَا أَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يُشْبِهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ، فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي:) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ: مَا فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ، فَالْعَامِلُ فِيهِ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَرَةِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ، وَكَذَا مَا يُرْجِعُ فِيهِ لِقِرَاضِ الْمِثْلِ فِي الْقِرَاضِ يُرِيدُ، وَمَا يُرْجِعُ فِيهِ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يَكُونُ فِي الْقِرَاضِ أَحَقَّ فِي مَوْتٍ، وَلَا فَلَسٍ، وَفِي الْمُسَاقَاةِ يَكُونُ أَحَقَّ فِي الْفَلَسِ لَا فِي الْمَوْتِ انْتَهَى. وَهَذِهِ آخِرُ مَسْأَلَةٍ فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ سَاقَيْته، أَوْ أَكَرِيَتَهُ، فَأَلْفَيْته سَارِقًا لَمْ تَنْفَسِخْ، وَلْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ)
ش: قَالَ فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ سَاقَيْتَهُ حَائِطَكَ، أَوْ أَكْرَيْتَ مِنْهُ دَارَكَ، ثُمَّ أَلْفَيْتَهُ سَارِقًا لَمْ يُفْسَخْ لِذَلِكَ سَقْيٌ، وَلَا كِرَاءٌ وَلْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ، وَهُوَ مُفْلِسٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِذَلِكَ، فَقَدْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فِي كُلِّ هَذَا نَظَرٌ، وَهَذَا عَيْبٌ، وَلَيْسَ يَقْدِرُ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ السَّارِقِ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ: سَارِقًا يَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ بِالثَّمَرَةِ، أَوْ يَقْلَعَ الْجُذُوعَ، وَفِي الْمُكْتَرِي يَخَافُ مِنْهُ أَنْ يَبِيعَ أَبْوَابَهَا انْتَهَى.
وَفِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ الْأَجِيرِ يَفْسَخُ إجَارَتَهُ فِي غَيْرِهَا، وَمَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ، فَأَلْفَاهُ سَارِقًا، فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ، فَقِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَجِيرَ فِي الْخِدْمَةِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْهُ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكِرَاءَ فِي الْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ وَوَقَعَ فِي مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ، فَهُوَ كَمَنْ اشْتَرَى دَابَّةً، فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا بِخِلَافِ الْمُكْتَرِي وَالْمُفْلِسِ وَالْمُسَاقِي إنَّمَا وَقَعَ الْكِرَاءُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْهُ أَكْرَى عَلَيْهِ وَسُوقِيَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفْسَخْ الْعَقْدُ انْتَهَى.
فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، أَوْ أَكْرَيْتَهُ أَيْ أَكْرَيْتَ مِنْهُ بَيْتَكَ، أَوْ مَتَاعَكَ، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ أَكْرَى نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ، فَإِنَّهُ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ يُرِيدُ إذَا أَمْكَنَ التَّحَفُّظُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَكْرَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، أَوْ سَاقَى كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ.
ص (وَسَاقِطُ النَّخْلِ كَلِيفٍ كَالثَّمَرَةِ)
ش: قَالَ فِي الشَّامِلِ وَسَاقِطُ النَّخْلِ مِنْ لِيفٍ وَجَرِيدٍ وَنَحْوِهِمَا كَالثَّمَرَةِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَا كَانَ مِنْ سَوَاقِطِ النَّخْلِ، أَوْ مَا يَسْقُطُ مِنْ بَلَحٍ وَغَيْرِهِ وَالْجَرِيدِ وَاللِّيفِ وَمِنْ الزَّرْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا مِنْ الْأَجْزَاءِ انْتَهَى.
ص (وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ)
ش: هَكَذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَصُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بَعْدَ الْعَمَلِ، وَإِلَّا تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ انْتَهَى.
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَلَالِ سَوَاءٌ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ الْعَمَلِ، أَوْ بَعْدَهُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَفَصَّلَ فِي تَوْجِيهِ الْيَمِينِ فِي اخْتِلَافِهِمَا بَعْدَ الْعَمَلِ، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ أَيْضًا، فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ مَعَ كَلَامِ الشَّامِلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شَرَطَ حُطَّ بِنِسْبَتِهِ) ش: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاءَ مَطَرٌ وَدَخَلَ الْحَائِطَ، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى سَقْيٍ فِي مُدَّةٍ مِنْ الزَّمَانِ، فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ أُجْرَةِ السَّقْيِ قَالَهُ فِي رَسْمِ سِنٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ إنْ زَادَ الْعَمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ، أَوْ