فَاعِلُهُ وَجَمِيعَ مَفْعُولُهُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِجَرِّ الْعَامِلِ بِعَلَى الْجَارَةِ وَرَفْعِ جَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ تَقَدَّمَ خَبَرُهُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ غَيْرَ أَنَّ عَلَى أَبْيَنُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى اللُّزُومِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَوَجْهُ الْعَمَلِ فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّ جَمِيعَ الْعَمَلِ وَالنَّفَقَةِ وَجَمِيعَ الْمُؤْنَةِ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ عَلَيْهِ انْتَهَى.
يُرِيدُ جَمِيعَ الَّذِي تَفْتَقِرُ إلَيْهِ الثَّمَرَةُ وَيُقْطَعُ بِانْقِطَاعِهَا، أَوْ يَبْقَى مِنْهُ بَعْدَهَا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: عَمَلُ الْحَائِطِ إنْ لَمْ يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِ الثَّمَرَةِ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَّا الْيَسِيرُ يَعْنِي كَسَدِّ الْحَظِيرَةِ وَإِصْلَاحِ الضَّفِيرَةِ قَالَ: وَإِنْ تَعَلَّقَ بِإِصْلَاحِ الثَّمَرَةِ، وَكَانَ يَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِهَا، أَوْ يَبْقَى بَعْدَهَا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ فَهَذَا يَلْزَمُ الْمُسَاقَى، وَذَلِكَ كَالْحَفْرِ وَالسَّقْيِ وَزَبْرِ الْكُرُومِ وَتَقْلِيمِ الشَّجَرِ وَالتَّسْرِيبِ وَالتَّسْدِيدِ وَصَلَاحِ مَوَاضِعِ السَّقْيِ وَالتَّذْكِيرِ وَالْجَدَادِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ، وَإِنْ كَانَ يَتَأَبَّدُ وَيَبْقَى بَعْدَ الثَّمَرَةِ كَإِنْشَاءِ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ إنْشَاءِ ضَفِيرَةٍ، أَوْ إنْشَاءِ غِرَاسٍ، أَوْ بِنَاءِ بَيْتٍ تُجْنَى فِيهِ الثَّمَرَةُ كَالْجَرِينِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُسَاقَاةِ انْتَهَى.
ص (كَإِبَارٍ)
ش: قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَتَأْبِيرُ النَّخْلِ تَلْقِيحُهُ يُقَالُ نَخْلَةٌ مُؤَبَّرَةٌ مِثْلُ مَأْبُورَةٍ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْإِبَارُ عَلَى وَزْنِ الْإِزَارِ انْتَهَى. وَلَمْ يَذْكُرُ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ غَيْرَ هَذَا، وَالْجَارِي عَلَى الْأَلْسِنَةِ الْإِبَّارُ بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ جَائِزٌ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} [النبأ: 28] فِعَّالٌ فِي بَابِ فَعَّلَ فَاشٍ مِنْ كَلَامِ فِصَاحٍ مِنْ الْعَرَبِ لَا يَقُولُونَ غَيْرَهُ وَسَمِعَنِي بَعْضُهُمْ أُفَسِّرُ آيَةً، فَقَالَ: لَقَدْ فَسَّرْتُهَا فِسَّارًا مَا سُمِعَ بِمِثْلِهِ، وَقَالَ غَيْرُ الزَّمَخْشَرِيِّ: هِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ يَمَانِيَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: التَّلْقِيحُ وَالتَّذْكِيرُ وَالْإِبَارُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ التَّلْقِيحِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ، وَقَالَ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ مَا تَقِلُّ مُؤْنَتُهُ، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْهَا إبَارُ النَّخْلِ، وَهُوَ تَذْكِيرُهَا انْتَهَى.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْإِبَارِ فَجَعَلَهُ مَرَّةً عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَمَرَّةً عَلَى الْعَامِلِ فَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ الشَّيْءَ الَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ، وَعَلَى الْعَامِلِ الْعَمَلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ: حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ (قُلْت:) الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَكَلَامُهُ الْأَخِيرُ لَا يُعَارِضُ الْأَوَّلَ وَلِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ.
ص (وَأَنْفَقَ وَكَسَا)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْأُجَرَاءِ، وَأَنْ يَكْسُوَهُمْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ، أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ نَفْسِهِ وَنَفَقَةُ دَوَابِّ الْحَائِطِ مِنْ رَقِيقِهِ كَانُوا لَهُ، أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ نَفَقَتَهُمْ، أَوْ نَفَقَةَ الْعَامِلِ نَفْسِهِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ قَالَ رَبِيعَةُ: وَلَا تَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَلَا شَيْءَ يَكُونُ مِنْ النَّفَقَةِ فِي ثَمَرِ الْحَائِطِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُ رَبِيعَةَ تَفْسِيرٌ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ: إنَّ نَفَقَةَ دَوَابِّ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَيْهِ
ص (لَا أُجْرَةَ مَنْ كَانَ فِيهِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْأُجْرَةِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ أُجْرَةُ مَنْ