وَوَجَبَتْ لِمَنْ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ وَاحِدٌ مِنْ الشُّفَعَاءِ لَا الْأَقْرَبُ وَلَا الْأَبْعَدُ حَتَّى مَضَى أَمَدُ انْقِطَاعِهَا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُمْ جَمِيعًا الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَلَا حُجَّةَ لِلْبَعِيدِ فِي أَنْ يَقُولَ إنَّمَا سَكَتَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَمَامِي مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنِّي فَلَمَّا رَأَيْتُ الْأَمَدَ قَدْ تَمَّ لَهُ حِينَئِذٍ طَلَبْتُهَا أَنَا؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِشُفْعَتِهِ فَيَأْخُذُهَا إنْ كَانَ الْأَقْرَبُ غَائِبًا أَوْ يُوقَفُ عَلَى الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ إنْ كَانَ حَاضِرًا سَقَطَ لِحَقِّهِ فِيهَا، انْتَهَى.

مُخْتَصَرًا مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ) ش هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَإِلَّا سَنَةٌ، وَالْمَعْنَى إذَا قُلْنَا إنَّ الشُّفْعَةَ لِلْحَاضِرِ فِي السَّنَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ إذَا كَانَ قِيَامُهُ بَعِيدًا مِنْ الْعَقْدِ وَحَدُّ الْبُعْدِ فِي ذَلِكَ السَّبْعَةُ الْأَشْهُرُ وَمَا بَعْدَهَا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَلْ يَحْلِفُ إذَا لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ فِي السَّنَةِ؟ نَقَلَ فِي الْكَافِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ قَامَ عِنْدَ رَأْسِ السَّنَةِ فَلَا يَحْلِفُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَلَوْ قَامَ بَعْدَ جُمُعَةٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ السَّبْعَةَ الْأَشْهُرَ وَلَا السَّنَةَ كَثِيرًا أَيْ قَاطِعًا لِحَقِّهِ فِي الشُّفْعَةِ إلَّا أَنَّهُ إنْ تَبَاعَدَ هَكَذَا يَحْلِفُ مَا كَانَ وُقُوفُهُ تَرْكًا لِلشُّفْعَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ يَحْلِفُ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ لَا شَهْرَيْنِ ابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي السَّبْعَةِ الْأَشْهُرِ وَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي السَّبْعَةِ، انْتَهَى.

وَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْحَاضِرَ إذَا قَامَ بَعْدَ الْبُعْدِ فِي السَّنَةِ يَحْلِفُ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا عَلِمَ وَغَابَ وَكَانَ يَظُنُّ الْأَوْبَةَ قَبْلَ السَّنَةِ فَعِيقَ وَقُلْنَا إنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ السَّنَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْقِطًا لِلشُّفْعَةِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَحَلَفَ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا فَعِيقَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ إنْ بَعُدَ لَا مَعْنَى لَهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَصُدِّقَ إنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ الْحَاضِرَ إذَا أَنْكَرَ عِلْمَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ؟ قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ: لَوْ أَنْكَرَ الشَّفِيعُ الْعِلْمَ وَهُوَ حَاضِرٌ فَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَإِنْ طَالَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَابْن الْمَوَّازِ يُصَدَّقُ وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ وَابْن الْمَوَّازِ وَأَنَّ الْأَرْبَعَةَ كَثِيرَةٌ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا.

(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَلَوْ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ وَادَّعَى جَهْلَ الشُّفْعَةِ، قَالَ: لَا يُصَدَّقُ، قَالَ ابْنُ كَوْثَرٍ: وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً فَلَا تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ.

ص (لَا إنْ غَابَ أَوْ لَا)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَالْغَائِبُ فِي شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَذَلِكَ أَحْرَى وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا، قَالَ ابْنُ يُونُسَ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: يُنْتَظَرُ إنْ كَانَ غَائِبًا» ، قَالَ أَشْهَبُ: وَقَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالشُّفْعَةِ لِلْغَائِبِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ، قَالَ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يَقُومَ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ مِمَّا يُجْهَلُ فِي مِثْلِهِ أَصْلُ الْبَيْعِ وَيَمُوتُ الشُّهُودُ فَأَرَى الشُّفْعَةَ مُنْقَطِعَةً فَأَمَّا فِي قُرْبِ الْأَمَدِ مِمَّا يَرَى أَنَّ الْمُبْتَاعَ أَخْفَى الثَّمَنَ لِقَطْعِ الشُّفْعَةِ فَلْتُقَوَّمْ الْأَرْضُ عَلَى مَا يَرَى مِنْ ثَمَنِهَا يَوْمَ الْبَيْعِ فَيَأْخُذُهَا بِهَا، انْتَهَى.

وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ جِدًّا فِيمَا يُجْهَلُ فِي مِثْلِهِ أَصْلُ الْبَيْعِ وَيَمُوتُ الشُّهُودُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015