كِتَابُ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا شُفْعَةَ بِالْجِوَارِ وَالْمُلَاصَقَةِ فِي سِكَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ فَبِيعَتْ الدَّارُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ إنَّمَا لَهُ حَقٌّ فِي الْجِوَارِ لَا فِي نَفْسِ الْمِلْكِ، انْتَهَى.
ص (وَنَاظِرُ وَقْفٍ)
ش: لَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ لِيَحْبِسَ وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ فِي آخِرِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِمْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا بِالشُّفْعَةِ، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ بِهِ يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْمَوَارِيثِ لَا يَشْفَعُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْمَسَاجِدِ، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَكِرَاءٍ)
ش: أَيْ وَكَذَا لَا شُفْعَةَ فِي الْكِرَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَّلِ كِرَاءِ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ حَسْبَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي تَوْضِيحِهِ وَصَرَّحَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُمَا، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِرَاءِ الدُّورِ وَإِذَا اكْتَرَى رَجُلَانِ دَارًا بَيْنَهُمَا فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُكْرِيَ حِصَّتَهُ، قَالَ مَالِكٌ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِشَرِيكِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَاجِي: مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الشُّفْعَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: وَابْن الْمَوَّازِ لَهُ الشُّفْعَةُ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَفِي الثِّمَارِ وَالْكِتَابَةِ وَإِجَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ قَوْلَانِ. قَوْلُهُ: وَإِجَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ. لَا يُرِيدُ خُصُوصِيَّةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ كُلَّ كِرَاءٍ. وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ
وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ سُقُوطُهَا وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالْمُغِيرَةِ وَبِوُجُوبِهَا قَالَ مُطَرِّفٌ وَأَشْهَبُ وَأَصْبَغُ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي الْمُسَاقَاةِ كَالْكِرَاءِ، وَالْأَقْرَبُ سُقُوطُهَا فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهَا لَا يُسَاوِي الضَّرَرَ فِي الْعَقَارِ الَّذِي وَرَدَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِ، انْتَهَى. وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَصُّهُ وَلَيْسَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِجَارَةٌ لِلزَّرْعِ دَلِيلٌ عَلَى خُصُوصِيَّةِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْخِلَافِ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِيهَا بَلْ ذَلِكَ عَامٌّ فِي كِرَاءِ الْعَقَارِ لَكِنْ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ سُقُوطُ الشُّفْعَةِ فِي الْكِرَاءِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: فِيهِ الشُّفْعَةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا، وَالْقَوْلَانِ مَرْوِيَّانِ عَنْ مَالِكٍ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا اُخْتُلِفَ فِي الْكِرَاءِ وَالْأَقْرَبُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ سُقُوطُ الشُّفْعَةِ فَإِنَّ الضَّرَرَ اللَّاحِقَ بِسَبَبِ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا قَاصِرٌ عَنْ الضَّرَرِ اللَّاحِقِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَى ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِيهَا، انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ) اعْتَرَضَ الشَّارِحُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الشُّفْعَةِ وَعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا، قَالَ فِي الْوَسَطِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْقَوْلَيْنِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ فَانْظُرْ كَيْفَ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ عَلَى عَدَمِ الشُّفْعَةِ وَلَمْ يَحْكِ الْقَوْلَ الْآخَرَ وَهُوَ أَوْلَى بِالذِّكْرِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَبِهِ أَخَذَ هُوَ وَأَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَابْن الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ أَوْ كَانَ يَذْكُرُ الْقَوْلَيْنِ مَعًا، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الْكَبِيرِ، وَقَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَهُوَ أَوْلَى بِالذِّكْرِ هُنَا فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى بِالِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ أَوْ يَذْكُرُ الْقَوْلَيْنِ مَعًا وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ: وَفِي الْكِرَاءِ وَنَاظِرِ الْمِيرَاثِ قَوْلَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ مَشَى فِي شَامِلِهِ، فَقَالَ: وَفِي الْكِرَاءِ رِوَايَتَانِ وَتَبِعَ الْبِسَاطِيُّ الشَّارِحَ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ، فَقَالَ: وَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكِرَاءِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُمَا لِمَالِكٍ وَرَجَّحَ جَمَاعَةٌ الثَّانِيَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ ابْنُ غَازِيٍّ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ وَتَعَرَّضَ لَهُ الشَّرِيفُ الْفَاسِيُّ
وَنَظَرَ فِي اعْتِرَاضِهِ وَأَجَابَ عَنْ الشَّيْخِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الشُّفْعَةِ بِمَا قَدَّمْنَاهُ وَنَصَّ إثْرَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُتَقَدِّمِ قَوْلَهُ: وَإِجَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ لَا يُرِيدُ خُصُوصِيَّةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ كُلَّ كِرَاءٍ