الْإِقْرَارِ عَلَى عِوَضٍ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ وَلَوْ اسْتَحَقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ اسْتَحَقَّ بِالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ فَلْيَرْجِعْ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي وَأَنَّ مَا أَخَذَ مِنْهُ ظُلْمٌ وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ: وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا الْيَوْمَ عَلَى مَا فِي كِتَابِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمَدَنِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ: تَأْخُذُ النُّسْخَةَ وَتَرْجِعُ عَلَى بَائِعِكَ بِالثَّمَنِ أَوْ تُخَاصِمُ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَكَ، انْتَهَى. وَانْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: فَإِذَا أَعْذَرَ لِلَّذِي أَلْفَى فِي يَدِهِ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: لَا حُجَّةَ لِي إلَّا أَنْ أَرْجِعَ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنِّي فَإِنْ ادَّعَى الَّذِي أَلْفَى فِي يَدِهِ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ مَطْعَنًا فِي الشُّهُودِ أُجِّلَ فَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ ذَلِكَ حُكِمَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أَعْذَرَ فِيهَا فَإِذَا طَعَنَ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيَامٌ، انْتَهَى. وَصَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ بِأَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا وَادَّعَى فِيهِ دَافِعًا وَعَجَزَ عَنْهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى بَائِعِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة اعْتَرَفَ مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ وَثَبَتَ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَأَرَادَ الْمَشْهُودُ أَنْ يَأْخُذَ حَمِيلًا عَلَى مَنْ بَاعَ ذَلِكَ]

(مَسْأَلَةٌ) ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ الْأَوَّلِ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ قُيِّمَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ هَلْ يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْهُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ تَرْجَمَةٍ كَبِيرَةٍ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ سَأَلَ حَبِيبٌ سَحْنُونًا فِيمَنْ اعْتَرَفَ مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ وَثَبَتَ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَيُرِيدُ الْمَشْهُودُ أَنْ يَأْخُذَ حَمِيلًا عَلَى مَنْ بَاعَ ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَحْكُمَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ يَغِيبُ هَذَا فِيهِ، قَالَ: لَا حَمِيلَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْرِضُ لَهُ حَتَّى يُحْكَمَ عَلَيْهِ، انْتَهَى.

[تَنْبِيهٌ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ بَلَدٍ كَثُرَ فِيهِ بَيْعُ الْأَحْرَارِ]

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مَنْ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ بَلَدٍ كَثُرَ فِيهِ بَيْعُ الْأَحْرَارِ وَوَافَقَهُ الْمُبْتَاعُ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ، فَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إنَّهُ يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي إثْبَاتَ رِقِّهِ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ، وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ وَكَانَ عَبْدُ الْأَعْلَى يُفْتِي بِمَا قَالَ، قَالَ أَصْحَابُنَا لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَلَسْت أَرَاهُ، وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ: عَلَى السَّيِّدِ الْإِثْبَاتُ عَلَى صِحَّةِ ابْتِيَاعِهِ مِمَّنْ كَانَ مِلْكًا لَهُ وَبِذَلِكَ أَفْتَوْا فِي فِتْنَةِ ابْنِ حَفْصُونٍ، انْتَهَى. مِنْ مَسَائِلِ الْعِتْقِ وَهِيَ قَبْلَ مَسَائِلِ النِّكَاحِ.

(الثَّانِي) إذَا ادَّعَتْ الْحُرِّيَّةَ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ، فَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ، قَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ اسْتَحَقَّتْ بِدَعْوَاهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَرِقَّ نَفْسَهَا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا وَتَبْقَى مَمْلُوكَةً لِسَيِّدِهَا، قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ: وَبِهِ أَفْتَيْت وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ابْنُ بَشِيرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا ابْنُ عَتَّابٍ؛ إذْ ذَكَرَهَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ مَالِكٌ: يُسْمَعُ نُزُوعَهَا إلَّا أَنْ يُخَافَ أَنَّهَا إنَّمَا نَزَعَتْ مِنْ خَوْفٍ وَأَرَادَتْ ذِكْرَهُ وَاسْتَحْيَتْ مِنْهُ، انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) إذَا اعْتَرَفَ الْمَمْلُوكُ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ؟ اُنْظُرْ ابْنَ سَلْمُونٍ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَعَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَكَانَ الْبَائِعُ عَدِيمًا فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ؟ فِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ وَرَسْمٍ لَمْ يُدْرَكْ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ.

(الرَّابِعُ) إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فِي الْعِلْمِ هَلْ يُفِيدُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ اُنْظُرْ الْبَابَ الثَّالِثَ وَالْأَرْبَعِينَ مِنْ التَّبْصِرَةِ لِابْنِ فَرْحُونٍ وَانْظُرْ ابْنَ سَهْلٍ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَفِيهِ مَسَائِلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَانْظُرْ الْبَابَ الثَّانِيَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ التَّبْصِرَةِ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَفِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

(الْخَامِسُ) إذَا أَرَادَ وَضْعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُسْتَحَقِّ وَالذَّهَابِ إلَى الْبَلَدِ الَّتِي فِيهَا بَائِعُهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَحَقِّ بِرِقٍّ لَا بِحُرِّيَّةٍ كَمَا قَالَهُ فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى الْمَذْكُورِ وَفِي رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ)

ش: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْمُتَقَدِّمَةِ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ وَعَلِمَ الْمُبْتَاعُ صِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ حِينَ انْبِرَامِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015