وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا بِالْحَبْسِ كَمَا يُفْهَمُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَنَصُّهُ: وَسُئِلَ اللُّؤْلُؤِيُّ عَمَّنْ حُبِسَ عَلَيْهِ حَبْسٌ فَبَاعَهُ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ بِأَنَّهُ حَبْسٌ أَمْ لَا فَاسْتَغَلَّهُ مُدَّةً ثُمَّ نَقَضَ الْبَيْعَ فَقَالَ: لَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ عَالَمٌ فَهُوَ وَاهِبٌ لِلْغَلَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ أَوْ يَكُونَ الْحَبْسُ مُعَقِّبًا فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ نَصِيبُهُ مِنْ الْغَلَّةِ وَانْظُرْ الْمُتَيْطِيَّ وَالطُّرَرِ وَانْظُرْ ابْنَ سَهْلٍ فَإِنَّهُ أَشَارَ إلَى مَسْأَلَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَأَنَّهَا نَزَلَتْ بِقُرْطُبَةَ وَأَنَّ غَيْرَهُ خَالَفَهُ، انْتَهَى. كَلَامُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

سُئِلْت عَنْ مَسْأَلَةٍ وَهِيَ: شَخْصٌ بَاعَ وَقْفًا عَلَيْهِ يَعْلَمُ بِوَقْفِيَّتِهِ لِشَخْصٍ يَجْهَلُ الْوَقْفِيَّةَ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِشَخْصٍ يَعْلَمُ الْوَقْفِيَّةَ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ بَاعَهُ مَعَ جِهَةٍ أُخْرَى مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ تَعَدَّى هَذَا الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا فَهَلْ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ مُطَالَبَتُهُ بِالْغَلَّةِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَأَجَبْت الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ إذَا ثَبَتَ وَقْفِيَّةُ هَذِهِ الْجِهَاتِ بِشُرُوطِهِ نُقِضَ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِهَا وَأُعِيدَتْ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِغَلَّةِ مَا بَاعَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِوَقْفِيَّتِهِ وَأَمَّا الْجِهَةُ الَّتِي تَعَدَّى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَبَاعَهَا فَلِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِغَلَّتِهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّالِثِ لِجَهْلِ الْمُشْتَرِي الْوَقْفِيَّةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْظُرْ أَحْكَامَ ابْنِ سَهْلٍ فِيمَا إذَا بَاعَ الْقَاضِي الْحَبْسَ وَانْظُرْ ابْنَ سَلْمُونٍ فِي مَسَائِلِ الْحَبْسِ.

ص (وَإِنْ هَدَمَ مُكْتَرٍ تَعَدِّيًا فَلِلْمُسْتَحِقِّ النَّقْضُ وَقِيمَةُ الْهَدْمِ)

ش: هَذَا كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا فَهَدَمَهَا تَعَدِّيًا ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقٌّ فَلَهُ أَخْذُ النَّقْضِ إنْ وَجَدَهُ وَقِيمَةُ الْهَدْمِ مِنْ الْهَادِمِ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: قَوْلُهُ بِقِيمَةِ الْهَدْمِ قِيلَ: بِمَا بَيْنَهَا بُقْعَةٌ وَمَا بَيْنَهَا مِنْ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ الْبِنَاءِ فَيَغْرَمُهُ وَقِيلَ: قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ مِنْ الْبِنَاءِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يَضْمَنُ لَهُ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ وَقِيلَ: يَأْخُذُ النَّقْضَ مِنْ مُسْتَحِقِّهَا ثُمَّ يَغْرَمُ لَهُ مَا أَفْسَدَ مِنْ الْهَدْمِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُ عِيَاضٍ: بِمَا بَيْنَهَا بُقْعَةٌ يَعْنِي مَعَ الْأَنْقَاضِ، انْتَهَى. ثُمَّ نَقَلَ بَقِيَّةَ كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ وَقَالَ عَقِبَهُ: كَذَا فِي التَّنْبِيهَاتِ وَرَأَيْتُهُ يَعْنِي الْقَوْلَ الْأَخِيرَ فِي كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَأْخُذُ النَّقْضَ مُسْتَحِقُّهُ فَعَلَى مَا فِي التَّنْبِيهَاتِ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَيَكُونُ لَهُ النَّقْضُ كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى سِلْعَةٍ فَأَفْسَدَهَا إفْسَادًا كَبِيرًا فَإِنَّهُ إذَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا تَكُونُ لَهُ وَعَلَى مَا فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ يَكُونُ هُوَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ جُرَيْجٍ مِنْ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِهِ وَلَكِنْ أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى جِدَارٍ أَوْ دَارٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ عَلَى حَالَتِهِ إذَا انْضَبَطَتْ صِفَتُهُ وَتَمَكَّنَتْ مُمَاثَلَتُهُ وَلَا تَلْزَمُ قِيمَةُ مَا تَعَدَّى عَلَيْهِ وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ عَلَيْهِ مَنْ هَدَمَ حَائِطًا بَنَى مِثْلَهُ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْمُمَاثَلَةُ فَالْمَرْجِعُ إلَى الْقِيمَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُهُ وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ فِيهِ وَفِي سَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ الْمُضَمَّنَاتِ الْقِيمَةَ إلَّا مَا يَرْجِعُ إلَى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا تَتَحَقَّقُ الْمُمَاثَلَةُ إلَّا فِيهِمَا، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الْإِكْمَالِ قَالَ: وَلَا حُجَّةَ لِأُولَئِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ فِي شَرْعِ غَيْرِنَا وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ نَبِيَّنَا أَمَرَ بِذَلِكَ وَلَعَلَّهُ بِتَرَاضِيهِمَا أَلَا تَرَى إلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ نَبْنِيهَا لَكَ بِالذَّهَبِ وَهَذَا كَانَ مِنْ طِيبِ نُفُوسِهِمْ فَكَذَلِكَ بِنَاؤُهَا بِالطِّينِ، انْتَهَى.

ص (وَلَهُ هَدْمُ مَسْجِدٍ)

ش: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَتَكَلَّمَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى حُكْمِ النَّقْضِ هَلْ لَا يُؤْخَذُ إلَّا عَيْنُ النَّقْضِ أَوْ إنْ كَانَ بِشُبْهَةٍ أُخِذَتْ قِيمَتُهُ قَائِمًا وَإِلَّا أَخَذَ النَّقْضَ وَأَطَالَ وَجَلَبَ كَلَامُ الْأَشْيَاخِ وَمُحَصِّلُهُ اخْتَصَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ: وَفِي جَعْلِ نَقْضِ الْمَسْجِدِ فِي حَبْسٍ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَ بَانِيهِ غَاصِبًا وَإِنْ كَانَ ذَا شُبْهَةٍ جُعِلَتْ قِيمَتُهُ فِي حَبْسٍ قَوْلَانِ، الظَّاهِرُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَالصَّقَلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015