انْتَهَى كَلَامُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ. وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ.

[مَسْأَلَةٌ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ شَجَرَةِ غَيْرِهِ غَرْسًا]

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: أَكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ شَجَرَةِ غَيْرِهِ غَرْسًا إلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: أَمَّا إذَا أَخَذَ مِنْ شَجَرَةِ غَيْرِهِ مَلُوخًا يَغْرِسُهَا فِي أَرْضِهِ وَكَانَ مَا امْتَلَخَ مِنْهَا لَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي اُمْتُلِخَتْ مِنْهَا فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ كِنَانَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ لِمَا امْتَلَخَ مِنْهَا قِيمَةً أَوْ كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالشَّجَرَةِ الَّتِي اُمْتُلِخَتْ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ.» فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ دَلَالَةً عَلَيْهِ لِسَبَبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ يَقْتَضِي الْإِدْلَالَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ حَلَّلَهُ وَإِلَّا غَرِمَ لَهُ ذَلِكَ عُودًا مَكْسُورًا يَوْمَ امْتَلَخَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْلَعَهُ وَيَأْخُذَهُ وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ قِيمَةُ مَا نَقَصَ مِنْ الشَّجَرَةِ الَّتِي اُمْتُلِخَ مِنْهَا وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَصْبًا أَوْ تَعَدِّيًا بِلَا إذْنِ صَاحِبِهِ وَلَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَسْتَوْجِبُ الدَّلَالَةَ فَلَهُ أَنْ يَقْلَعَهُ وَيَأْخُذَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ عُلِّقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ طُولِ مُدَّةِ زَمَانٍ وَبَعْدَ نَمَاءٍ أَوْ زِيَادَةِ بَيِّنَةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِعَيْنِهِ وَتَكُونُ لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ امْتَلَخَهُ مِنْ شَجَرَةٍ عُودًا مَيِّتًا مَكْسُورًا وَإِنْ كَانَ أَضَرَّ بِالشَّجَرَةِ كَانَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ مَعَ قِيمَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الشَّجَرَةِ هَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّمَا يَكُونُ أَوْلَى بِغَرْسِهِ إذَا كَانَ إنْ قَلَعَهُ وَغَرَسَهُ يَنْبُتُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبُتُ فَلَهُ قِيمَتُهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى قَلْعِهِ.

وَكَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ فِي مِثْلِ هَذَا وَإِنْ نَبَتَ فَإِنَّمَا لَهُ قِيمَتُهُ أَوْ غَرْسُ مِثْلِهِ وَأَمَّا إنْ قَلَعَ مِنْ بُسْتَانِهِ غَرْسًا فَغَرَسَهُ فِي أَرْضِهِ دَلَالَةً عَلَى صَاحِبِ الْبُسْتَانِ فَلَهُ أَنْ يَقْلَعَهُ وَيَأْخُذَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ نَبَتَ وَعَلِقَ إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ أَمْرُهُ وَنَمَا نَمَاءً بَيِّنًا فَلَا يَكُونُ لَهُ قَلْعُهُ وَتَكُونُ لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ اقْتَلَعَهُ نَابِتًا؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الدَّلَالَةِ شُبْهَةٌ تَمْنَعُ وَلَوْ كَانَ اقْتَلَعَهُ غَصْبًا غَيْرَ مُدِلٍّ لَكَانَ صَاحِبُ الْغَرْسِ أَحَقَّ بِغَرْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ نَبَتَ فِي أَرْضِهِ وَطَالَ زَمَانُهُ وَثَبَتَتْ زِيَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ بِعَيْنِهِ أَخَذَهَا حَيًّا فَنَمَا وَزَادَ وَنَبَتَ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ يَغْصِبُ أَوْ يَسْرِقُ ثُمَّ يَجِدُهُ صَاحِبُهُ وَقَدْ كَبُرَ وَنَبَتَ وَنَمَا وَزَادَ فَهُوَ أَبَدًا أَحَقُّ بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَنْبُتُ إنْ غُرِسَ بَعْدَ قَلْعِهِ مِنْ أَرْضِ الْغَاصِبِ أَوْ مِمَّا لَا يَنْبُتُ هُوَ أَحَقُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُسَلِّمَهُ وَيَأْخُذَ قِيمَتَهُ نَابِتًا يَوْمَ قَلَعَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ. ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ أَصْبَغَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، انْتَهَى. مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجَامِعِ مِنْ الْبَيَانِ وَمِنْهُ أَيْضًا وَسُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَنْ الْكَرْمِ يُقْطَفُ وَالزَّيْتُونِ يُجْنَى وَالزَّرْعِ يُحْصَدُ هَلْ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بَقِيَّتَهُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ أَهْلُهُ تَرَكُوهُ لِمَنْ أَخَذُوهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ الرَّجْعَةَ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ: وَالْمَعْنَى فِيهِ بَيِّنٌ إنْ عَلِمَ صَاحِبُهُ تَرَكَهُ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْ فَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ وَأَمَّا إنْ خَشِيَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمَسَاكِينِ فَلَا يَنْبَغِي لِغَنِيٍّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ]

ص (بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

ش: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حَقِيقَتَهُ وَحُكْمَهُ وَسَبَبَهُ وَشُرُوطَهُ وَمَوَانِعَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015