الْمُصَنِّفُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: صَرَّحَ الْمَازِرِيُّ وَصَاحِبُ الْمُعِينِ بِتَشْهِيرِهِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(فَرْعٌ) مَنْ غَصَبَ مَنْفَعَةَ دَارٍ وَاسْتَأْجَرَ مِنْهُ رَجُلٌ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ فَلِرَبِّهَا أَخْذُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا كَمَا لَوْ غَصَبَ طَعَامًا وَبَاعَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي فَلِرَبِّ الطَّعَامِ أَنْ يُضَمِّنَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا غَصَبَ الرَّقَبَةَ وَأَكْرَاهَا قَالَهُ فِي نَوَازِلِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ.
ص (وَهَلْ إنْ أَعْطَاهُ فِيهِ مُتَعَدَّدَ عَطَاءٍ فِيهِ أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ تَرَدُّدٌ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مَتَاعٌ أَوْ سِلْعَةٌ أَوْ شَيْءٌ تَسَوَّقَ بِهِ فَأَعْطَاهُ فِيهِ نَاسٌ مُتَعَدِّدُونَ ثَمَنًا ثُمَّ تَعَدَّى عَلَيْهِ شَخْصٌ فَغَصَبَهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَاسْتَهْلَكَهُ فَهَلْ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ لِرَبِّ الْمَتَاعِ ذَلِكَ الثَّمَنَ الَّذِي أُعْطِيَ فِيهِ أَوْ يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ؟ تَرَدُّدٌ هَذَا حَلُّ كَلَامِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ وَنَصُّهَا: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ تَسَوَّقَ فَيُعْطِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ ثَمَنًا ثُمَّ يَعْدُو عَلَيْهِ رَجُلٌ فَيَسْتَهْلِكُهَا قَالَ: أَرَى أَنْ يَضْمَنَ مَا كَانَ يُعْطَى بِهَا وَلَا يُنْظَرُ فِي قِيمَتِهَا قَالَ: وَذَلِكَ إذَا كَانَ عَطَاءً قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَبِيعَ بِهِ بَاعَ.
(فَرْعٌ) وَلَا يَضْمَنُ إلَّا قِيمَتَهَا قَالَ عِيسَى: يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْعُتْبِيِّ وَابْنِ يُونُسَ أَيْضًا أَنَّ الْمُسْتَهْلِكَ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا أُعْطِيَ فِيهَا سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ نَقَصَ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافُهُ فَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِهِمْ فِي فَهْمِ كَلَامِ مَالِكٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ وَجَدَ غَاصِبَهُ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَهُ تَضْمِينُهُ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ وَهُوَ أَنَّهُ وَجَبَتْ قَنَاطِرُ مِنْ كَتَّانٍ مِنْ عَدَاءٍ عَلَى رَجُلٍ بِتُونُسَ وَكَانَ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَوَقَعَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ