الْمَالَ بِيَدِ غَيْرِهِمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ شَيْئًا وَأَرَاهُ مِثْلَهُ انْتَهَى قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: لَوْ اقْتَسَمَاهَا لَمْ يَضْمَنَاهَا فِي ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْخُلْعِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَدَالَةِ مُخْتَصٌّ بِالْوَصِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ مَشْرُوعٌ عِنْدَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، وَلَا يُوصِي الْفَاجِرُ، وَقَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ: هُمَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَكُونُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمَا وَلَا يَقْتَسِمَانِ، وَيُجْعَلَانِ حَيْثُ يَثِقَانِ بِهِ وَأَيْدِيهمَا فِيهِ وَاحِدَةٌ انْتَهَى.
ص (بَابُ الْعَارِيَّةِ) ص (صَحَّ وَنُدِبَ إعَارَةُ مَالِكِ مَنْفَعَةٍ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْجَوْهَرِيُّ الْعَارِيَّةُ بِالتَّشْدِيدِ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَالْعَارَةُ مِثْلُ الْعَارِيَّةِ يُقَالُ هُمْ يَتَعَوَّرُونَ لِلْعَوَارِيِّ بَيْنَهُمْ وَقِيلَ مُسْتَعَارٌ بِمَعْنَى مُتَعَاوِرٍ أَيْ مُتَدَاوَلٌ وَفِي بَعْضِ حَوَاشِي الصِّحَاحِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْعَارِ وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ، فَلَيْسَ هُوَ الْوَجْهَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْ التَّعَاوُرِ الَّذِي هُوَ التَّدَاوُلُ، وَزْنُهَا فَعْلِيَّةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ عَرَاهُ يَعْرُوهُ إذَا قَصَدَهُ، وَيَكُونُ وَزْنُهَا فَاعُولَةً أَوْ فَعَلِيَّةٌ عَلَى الْقَلْبِ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ قَالَ: أُنْكِرُ عَلَيْهِ كَوْنَهَا مَنْسُوبَةً إلَى الْعَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالُوا يَتَعَيَّرُونَ؛ لِأَنَّ الْعَارَ عَيْنُهُ يَاءٌ قُلْت فِي الْمُخَصَّصِ لِابْنِ سِيدَهْ مَا نَصُّهُ وَتَعَوَّرْنَا الْعَوَارِيَّ وَتَعَاوَرْنَا الشَّيْءَ تَدَاوَلْنَاهُ وَقِيلَ الْعَارِيَّةُ مِنْ الْيَاءِ؛ لِأَنَّهَا عَارٌ عَلَى صَاحِبِهَا وَقَدْ تَعَيَّرُوهَا بَيْنَهُمْ.
(قُلْت) وَهَذَا نَصٌّ بِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ يَرُدُّ إنْكَارَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَتَعَيَّرُونَ وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ وَالْعَارِيَّةُ الْمِنْحَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهَا مِنْ الْعَارِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ غَرَّهُ قَوْلُهُمْ يَتَعَيَّرُونَ الْعَوَارِيَّ، وَلَيْسَ عَلَى وَضْعِهِ إنَّمَا هِيَ مُعَاقَبَةٌ مِنْ الْوَاوِ إلَى الْيَاءِ.
(قُلْت) : وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُعَاقَبَةِ انْتَهَى. وَفِي رَدِّهِ عَلَى ابْنِ سِيدَهْ بِمِثْلِ هَذَا نَظَرٌ، فَتَأَمَّلْهُ وَفِي الْقَامُوسِ وَالْعَارِيَّةُ مُشَدَّدَةٌ وَقَدْ تُخَفَّفُ وَالْعَارِيَّةُ مَا تَدَاوَلُوهُ بَيْنَهُمْ وَالْجَمْعُ عَوَارِيُّ مُشَدَّدَةٌ وَمُخَفَّفَةٌ انْتَهَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ مَصْدَرًا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ لَا بِعِوَضٍ فَتَدْخُلُ الْعُمْرَى وَالْإِخْدَامُ لَا الْحَبْسُ وَاسْمًا مَالٌ ذُو مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ مُلِكَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَيُقَالُ طَرْدَاهُمَا بِإِرْثِ مِلْكِ مَنْفَعَةِ وَارِثِهَا مِمَّنْ حَصَلَا لَهُ بِعِوَضٍ لِحُصُولِهِمَا لِلْوَارِثِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مِنْهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ عُمُومَ نَفْيِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ يُخْرِجُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا بِعِوَضٍ لِمَالِكِ الْعَيْنِ مِنْ الْمَيِّتِ وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ يُبْطِلُ طَرْدَهُ بِالْحَبْسِ وَعَكَسَهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا إلَّا مَصْدَرًا وَالْعُرْفُ إنَّمَا هُوَ اسْتِعْمَالُهَا اسْمًا، وَهِيَ الشَّيْءُ الْمُعَارُ، وَهِيَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا إحْسَانٌ وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَيَعْرِضُ وُجُوبُهَا نَعْنِي عَيْنَهَا لِمَنْ يَخْشَى بِعَدَمِهَا هَلَاكَهُ وَحُرْمَتُهَا كَكَوْنِهَا مُعِينَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ وَكَرَاهَتُهَا كَكَوْنِهَا مُعِينَةً عَلَى مَكْرُوهٍ وَتُبَاحُ لِغَنِيٍّ عَنْهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَرَاهَتِهَا فِي حَقِّهِ انْتَهَى وَنَقَلَ كَلَامَهُ ابْنِ نَاجِي.
(فَائِدَةٌ) : قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ مِنْ الْغُلُولِ مَنْعُ الْكُتُبِ عَنْ أَهْلِهَا وَكَذَا غَيْرُهَا انْتَهَى بِالْمَعْنَى.
ص (بِلَا حَجْرٍ)
ش: مُرَادُهُ هُنَا بِالْحَجْرِ أَعَمُّ مِنْ الْحَجْرِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِهِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا مَنَعَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْإِعَارَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِعَارَةُ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: الْعَارِيَّةُ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا، وَتَصِحُّ مِنْ كُلِّ مَالِكٍ