الرَّسُولُ عَلَى مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَرْجِعُ، وَأَرَى الرُّجُوعَ فِي هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ الْأَرْبَعَةِ مُفَرَّعًا، فَيَسْقُطُ رُجُوعُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَعْتَرِفُ الْمُودِعُ أَنَّ الْقَابِضَ قَبَضَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ، وَأَنَّ الْمُودِعَ ظَالِمٌ فِي إغْرَامِهِ، وَيَرْجِعُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ مِنْ الْقَابِضِ عَلَى شَكٍّ هَلْ قَبَضَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ أَمْ لَا فَإِذَا كَانَ دَفَعَهُ بِخَطِّ الْمُودِعِ أَوْ بِأَمَارَةٍ أَوْ بِقَوْلِهِ ادْفَعْهَا صَدَقَةً عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِقَوْلِ الْقَابِضِ أَرْسَلَنِي إلَيْك رَجَعَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ حَمَلْت قَوْلَكَ عَلَى أَنَّهُ مُصَدِّقٌ لَكَ وَلَوْ عَلِمْت أَنَّ الْمُودِعَ يُخَالِفُكَ لَمْ أَدْفَعْ إلَيْكَ شَيْئًا انْتَهَى.
ص (وَإِنْ بَعَثْت إلَيْهِ بِمَالٍ فَقَالَ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ وَأَنْكَرْت فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ تَأْوِيلَانِ)
ش: قَالَ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ بَعَثْت إلَيْهِ بِمَالٍ فَقَالَ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ وَصَدَّقَهُ الرَّسُولُ وَأَنْتَ مُنْكِرٌ لِلصَّدَقَةِ، فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْمَالُ صَدَقَةً عَلَيْهِ قَالَ كَيْفَ يَحْلِفُ وَلَمْ يَحْضُرْ؟ قَالَ كَمَا يَحْلِفُ الصَّبِيُّ إذَا كَبُرَ مَعَ شَاهِدِهِ فِي دَيْنِ أَبِيهِ انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ كَيْفَ يَحْلِفُ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ لِمَالِكٍ كَيْفَ يَحْلِفُ وَانْظُرْ جَعَلَهُ يَحْلِفُ هُنَا، وَهَلْ هِيَ يَمِينٌ غَمُوسٌ أَوْ إنَّمَا يَحْلِفُ إذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَوْدَعَك وَدِيعَةً فَشَهِدْت عَلَيْهِ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فُلَانٍ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا حَلَفَ فُلَانٌ مَعَ شَهَادَتِك وَاسْتَحَقَّهَا إنْ كَانَ حَاضِرًا وَإِنْ غَابَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُك إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ تَنْتَفِعُ أَنْتَ فِي مِثْلِهَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَةً لَا تَنْتَفِعُ فِي مِثْلِهَا جَازَتْ الشَّهَادَةُ لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ انْتَهَى.
قَالَ فِي النُّكَتِ سَأَلْتُ بَعْضَ شُيُوخِنَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا فَقُلْت أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِلسُّلْطَانِ خُذْهَا مِنْ يَدِي لَا أُرِيدُ إمْسَاكَهَا فَقَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ حِينَ أَتَى يَشْهَدُ قَالَ لِلْحَاكِمِ إنَّ فُلَانًا أَوْدَعَنِي كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَخُذْهُ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ شَهِدَ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى يَقُولُ هَذَا فَيُتَّهَمُ أَنْ يَقُولَ هَذَا لِيَنْفِيَ الظِّنَّةَ عَنْهُ الَّتِي قَدْ أَبْطَلَتْ شَهَادَتَهُ انْتَهَى.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَلَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ، فَأَرَادَ أَنْ يَقُومَ بِشَهَادَتِهِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ رُدَّتْ اُنْظُرْ اللَّخْمِيَّ انْتَهَى
ص (وَبِدَعْوَى الرَّدِّ عَلَى وَارِثِكَ) ش قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَارِثِ لَمْ يُقْبَلْ وَكَذَلِكَ دَعْوَى وَارِثِ الْمُودِعِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَأْتَمِنَاهُ كَالْيَتِيمِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ فَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْمُودَعُ وَرَبُّ الْوَدِيعَةِ مَعًا وَادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ رَدَّ الْوَدِيعَةِ إلَى وَارِثِ رَبِّهَا انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الشَّيْخِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ: إنْ قَالَ الْمُودَعُ أَوْ الْعَامِلُ رَدَدْنَا الْمَالَ لِوَصِيِّ الْوَارِثِ لِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يُصَدَّقَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ الْوَصِيِّ، وَلَوْ كَانَ قَبْضُهُمَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا دَفَعَا لِغَيْرِ مَنْ قَبَضَا مِنْهُ انْتَهَى. وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا دَعْوَى الرَّدِّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ كَدَعْوَى الرَّدِّ عَلَى وَارِثِ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَلِكَ دَعْوَى وَارِثِ الْمُودِعِ عَلَى الْمِلْكِ تَفْتَقِرُ إلَى الْبَيِّنَةِ، وَسَوَاءٌ قَبَضَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ انْتَهَى
ص (أَوْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ)
ش: قَالَ