مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا إنَّمَا يَكْرَهُ تَسَلُّفَهَا لِلْمُعْدَمِ خَشْيَةَ أَنْ لَا يَرُدَّهَا أَوْ يَرُدَّهَا بِعُسْرٍ فَإِنْ رَدَّهَا، فَقَدْ انْتَفَتْ الْعِلَّةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا مُنِعَ مِنْ تَسَلُّفِهَا انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ كَانَتْ أَيْ الْوَدِيعَةُ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى بَلِيَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا، ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهُ قِيمَةُ ذَلِكَ انْتَهَى. أَبُو الْحَسَنِ مَفْهُومُهُ لَوْ رَدَّ الْقِيمَةَ لَبَرِئَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ ذِمَّتَهُ لَا تَبْرَأُ سَوَاءٌ أَوْقَفَ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ انْتَهَى، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَبْرَأُ، وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ ثَالِثُهَا: يَبْرَأُ إنْ رَدَّهَا بِإِشْهَادٍ وَرَابِعُهَا: يَبْرَأُ إنْ كَانَتْ مَنْثُورَةً وَلَوْ كَانَتْ مَصْرُورَةً ضَمِنَهَا وَلَوْ رَدَّهَا.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ قَالَهُ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى بَرَاءَتِهِ فِي تَصْدِيقِهِ فِي رَدِّهَا دُونَ يَمِينٍ أَوْ بِهَا ثَالِثُهَا: إنْ تَسَلَّفَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ صُدِّقَ دُونَ يَمِينٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ لِقَوْلِ الشَّيْخِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَمِينًا مَعَ قَوْلِ الْبَاجِيُّ ظَاهِرُهَا نَفْيُهَا وَالشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَنْثُورَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ الثَّالِثَ اخْتِيَارًا لَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ نَصَّ عَلَى إخْرَاجِ الْمُعْدَمِ مِنْ الْبَرَاءَةِ إذَا تَلِفَ النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ، وَرَدَّهُ إلَّا مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُ.
ص (إلَّا إنْ زَادَ قُفْلًا) ش قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاقْفِلْ وَاحِدًا فَقَفَلَ اثْنَيْنِ قَوْلَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْقَوْلُ بِنَفْيِ الضَّمَانِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَزَادَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالِهِ إغْرَاءٌ لِلِصٍّ فَيَضْمَنُ، وَالْقَوْلُ بِالضَّمَانِ مَالَ إلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ، وَلَا أَعْلَمُهُ مَنْصُوصًا انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَبِقُفْلٍ نَهَاهُ عَنْهُ وَاخْتِيرَ سُقُوطُهُ لَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ أَوْ زَادَ قُفْلًا إلَّا فِي حَالِ إغْرَاءِ اللِّصِّ
ص (وَبِنِسْيَانِهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا إلَى قَوْلِهِ لَا إنْ نَسِيَهَا فِي كُمِّهِ فَوَقَعَتْ)
ش: هُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَوْ نَسِيَهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا، فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِخِلَافِ مَا إذَا نَسِيَهَا فِي كُمِّهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقِيلَ سَوَاءٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يُحْتَمَلُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ، وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى مَنْصُوصًا نَعَمْ خَرَّجَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَخَرَّجَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْ الْمُودِعِ مِائَةَ دِينَارٍ، فَيَدَّعِيهَا رَجُلَانِ، وَنَسِيَ أَيُّهُمَا أَوْدَعَهُ، وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ بِالْخِيَارِ مِنْ رَجُلَيْنِ، فَاخْتَلَطَا، وَلَمْ يَدْرِ لِمَنْ الْجَيِّدُ مِنْهُمَا، فَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ يَضْمَنُ لَهُمَا أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؟ اللَّخْمِيُّ وَالْعُذْرُ بِالنِّسْيَانِ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ بِالنِّسْيَانِ مُفْرِطًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ أَيْ فِي الضَّمَانِ لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ بِالضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ وَمُطَرَّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ الْمُتَقَدِّمَ، وَنَقَلَ قَبْلَهُ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ مَا نَصُّهُ، وَلَوْ أَوْدَعَهُ بِالطَّرِيقِ فَمَضَى لِحَاجَةٍ قَبْلَ إحْرَازِهَا، فَضَاعَتْ ضَمِنَ وَلَوْ جَعَلَهَا فِي كُمِّهِ