الْمُوَكِّلَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُخَالَفَةُ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ زِيَادَةً يَسِيرَةً كَالدِّينَارَيْنِ فِي الْأَرْبَعِينَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا كَدِينَارَيْنِ بِلَا النَّافِيَةِ بَدَلَ إلَّا الِاسْتِثْنَائِيَّة وَهِيَ أَحْسَنُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَتَخْصِيصُهُ اغْتِفَارَ الْمُخَالَفَةِ بِالْيَسِيرِ بِالِاشْتِرَاءِ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظَائِرِ اغْتِفَارَ الْمُخَالَفَةِ بِالْيَسِيرِ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَنُصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى اغْتِفَارِ الْيَسِيرِ إلَّا فِي الشِّرَاءِ وَمِثْلُهُ كَالثَّلَاثَةِ فِي الْمِائَةِ، وَكَالِاثْنَيْنِ فِي الْأَرْبَعِينَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اغْتِفَارِ الْيَسِيرِ فِي الشِّرَاءِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: وَخَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُذَاكِرِينَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ: وَالْيَسِيرُ فِي الْمِائَةِ الدِّينَارَانِ وَالثَّلَاثَةُ التُّونُسِيُّ لَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ فِي قَلِيلِ الثَّمَنِ مَقْصُورَةً عَلَى هَذَا الْحِسَابِ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَا زَادَ فِي مِثْلِهِ عَادَةً، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَزِيدَهُ عَلَى ذَلِكَ إنَّمَا هَذَا إذَا زَادَهُ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ، وَلَوْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ لِنَفْسِهِ لَمَّا لَمْ يَبِعْهَا رَبُّهَا بِالْمُسَمَّى كَانَتْ لَهُ إذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُسَلِّفَ مَنْ وَكَّلَهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ مَا يَدْفَعُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ لَزِمَهُ الشِّرَاءُ بِهَا فَلَا يَتِمُّ لَهُ شِرَاؤُهَا لِنَفْسِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ مَالِكًا لِقَدْرِ الزِّيَادَةِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ التَّوْكِيلَ عَلَى شِرَائِهَا الْتِزَامٌ مِنْهُ لِلَوَازِمِ شِرَائِهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مَنْ أَمَرَ بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَاشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ بِسِتَّةَ عَشَرَ، وَقَالَ أَبَى الْبَائِعُ بَيْعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَاشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي بِسِتَّةَ عَشَرَ قُبِلَ قَوْلُهُ وَكَانَتْ لَهُ قَالَ أَصْبَغُ أَرَى أَنْ يَحْلِفَ وَأَسْتَحْسِنُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي أَخْذِهَا بِالْخِيَارِ. ابْنُ رُشْدٍ اسْتِحْسَانُهُ بَعِيدٌ إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُسَلِّفَهُ الزِّيَادَةَ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَحَيْثُ خَالَفَ فِي اشْتِرَائِهِ لَزِمَهُ إنْ لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ)

ش: تَضَمَّنَ هَذَا الْكَلَامُ مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْمُوَكِّلَ مُخَيَّرٌ فِي الرِّضَا بِالشَّيْءِ الْمُشْتَرَى، وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِ، وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُوَكِّلُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ، وَهَذِهِ مِنْ هُنَا اُسْتُفِيدَتْ وَأَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهَذَا الْكَلَامِ لِأَجْلِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) : مَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ فَاشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ اُتُّهِمَ وَإِنْ دَفَعَ لَهُ الْآمِرُ الثَّمَنَ، وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّانِي السِّلْعَةُ لِلْآمِرِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ، وَهُوَ رِوَايَةُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ أَصْبَغَ وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَوَاءٌ أَشْهَدَ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ أَمْ لَمْ يُشْهِدْ حَتَّى يَرْجِعَ الْأَمْرُ إلَى الْآمِرِ فَيَبْرَأُ مِنْ وَعْدِهِ بِالشِّرَاءِ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ أَمْ لَا وَالرَّابِعُ أَنَّهَا لِلْآمِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِيهَا لِنَفْسِهِ انْتَهَى. مُخْتَصَرًا مِنْ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ.

وَكَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْهُ.

ص (كَذِي عَيْبٍ إلَّا أَنْ يَقِلَّ وَهُوَ فُرْصَةٌ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَشِرَاؤُهُ مَعِيبًا تَعَمُّدًا عَدَاءٌ إلَّا مَا يُغْتَفَرُ عُرْفًا فِيهَا إنْ أَمَرْتَهُ بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ فَابْتَاعَهَا مَعِيبَةً فَإِنْ كَانَ عَيْبًا خَفِيفًا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ، وَقَدْ يَكُونُ شِرَاؤُهَا بِهِ فُرْصَةً لَزِمَتْكَ وَإِنْ كَانَ عَيْبًا مُفْسِدًا لَمْ تَلْزَمْكَ إلَّا أَنْ تَشَاءَ وَهِيَ لَازِمَةٌ لِلْمَأْمُورِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت: لَوْ كَانَ الْعَيْبُ مُغْتَفَرًا بِعُمُومِ النَّاسِ وَحَالُ الْآمِرِ لَا يَقْتَضِي اغْتِفَارَهُ هَلْ يَلْزَمُ الْآمِرَ أَمْ لَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْغَصْبِ فِي أَثَرِ الْعَدَاءِ إذَا كَانَ يَسِيرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عُمُومِ النَّاسِ، وَغَيْرُ يَسِيرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى حَالِ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ هَلْ يُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْيَسِيرِ أَوْ الْكَثِيرِ؟ وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ كَانَ لَهُ وَلَا رَدَّ إلَّا فِي الْيَسِيرِ.

(قُلْت) : اسْتِثْنَاؤُهُ إلَّا فِي الْيَسِيرِ يَسْتَحِيلُ رَدُّهُ لِمَنْطُوقِ مَا قَبْلَهُ، وَلَهُمَا يَسْتَقِيمُ رَدُّهُ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَمِثْلُ هَذَا الْحَذْفِ لَا يَنْبَغِي فِي الْمَسَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ مَعَ يُسْرِ الْعِبَارَةِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ لَزِمَهُ لَا الْآمِرُ إلَّا فِي الْيَسِيرِ انْتَهَى.

(قُلْت) : وَاقْتَصَرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015