الْمَارِّ بِمَائِهِ فِيهَا وَذَلِكَ خِلَافُ مَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ فِي أَنَّ مَنْ أُحْدِثَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ حَتَّى بَاعَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ قِيَامٌ وَأَحَلَّ الْمُشْتَرِيَ مَحَلَّ الْبَائِعِ فِي الْقِيَامِ عَلَيْهِ بِمَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُومَ بِهِ عَلَيْهِ إذْ قَالَ: إنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ لَهُ بِمَا كَانَ يَنْظُرُ بِهِ لِلْبَائِعِ بِأَنْ يَدْعُوَ بِأَصْلِ الْقَسْمِ فَيَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ.

وَيَدْخُلُ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجْعَلْ بَيْعُهُ رِضًا بِتَرْكِ الْقِيَامِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إذَا بَاعَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا أُحْدِثَ عَلَيْهِ، أَوْ بَاعَ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ فِي حَالِ الْخِصَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى لَهُ، وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَتَزَوَّجُ عَبْدُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَبِيعُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ، أَوْ يَرُدَّ فَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْخِيَارِ فِي التَّفْرِقَةِ مَا كَانَ لِلْبَائِعِ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ فِي حَالِ الطَّلَبِ، وَالْخِصَامِ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ لَهُ الْقَضَاءُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ، وَيَكُونُ لَهُ مِنْ الطَّلَبِ مَا كَانَ لَهُ فَمَا كَانَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مُعَارِضٌ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَلِمَا فِي الْوَاضِحَةِ وَيَتَحَصَّلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ بَيْعَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ الرِّضَا مِنْهُ بِتَرْكِ الْقِيَامِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِرِضًا، وَيَقُومُ الْمُشْتَرِي بِمَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُومَ بِهِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَيْسَ بِرِضًا مِنْ الْبَائِعِ، وَلَا قِيَامَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ كَانَ لِلْبَائِعِ الْقِيَامُ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ الَّذِي تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ بِتَزَوُّجِهِ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالُ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ الْبَاجِيُّ: فَمَنْ بَاعَ دَارِهِ، وَقَدْ أُحْدِثَ عَلَيْهِ مَطْلَعٌ، أَوْ مَجْرَى مَاءٍ، أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الضَّرَرِ فَقَالَ الْأَخَوَانِ وَأَصْبَغُ: إنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى بَاعَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ خَاصَمَ فِيهِ فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ الْحُكْمُ فَبَاعَ فَلِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ وَيَحِلُّ مَحَلَّهُ ابْنُ زَرْقُونٍ فِي أَحْكَامِ ابْنِ بَطَّالٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ قَضَى بِهِ، وَأَعْذَرَ وَبَقِيَ التَّسْجِيلُ وَالْإِشْهَادُ، وَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَدَافِعِ وَالْحُجَجِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ، وَهَذَا أَصْلٌ فِيهِ تَنَازُعٌ وَفِيهَا مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً غَيْرَ قَاطِعَةٍ فِي أَرْضٍ فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ بَيْعُهَا.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: بَيْعُهَا حِينَئِذٍ غَرَرٌ، وَهَذَا إنْ كَانَ الْبَائِعُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَامَ عَلَى مُحْدِثِ الضَّرَرِ، وَإِنْ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ فَفِي صِحَّةِ قِيَامِ الْمُبْتَاعِ عَلَى الْمُحْدِثِ وَتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ وَيَقُومُ قِيَامَهُ ثَالِثُهَا إنَّمَا لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ لِحَبِيبٍ عَنْ سَحْنُونٍ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَقَوْلُهَا فِي الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ يَبِيعُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لِمُشْتَرِيهِ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ فَإِنْ رَدَّهُ فَلِبَائِعِهِ الْقِيَامُ بِهِ كَذَا أَخَذْته عَمَّنْ أَرْضَى مِنْ شُيُوخِنَا أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَتَأَمَّلْت قَوْلَ الْأَخَوَيْنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِإِحْدَاثِ الضَّرَرِ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ، وَهَذَا لَا يُخْتَلَفُ فِي سُقُوطِ الْقِيَامِ فِيهِ، فَتَأَمَّلْهُ ابْنُ سَهْلٍ نَزَلَ أَنَّ رَجُلًا فَتَحَ بَابًا فِي زُقَاقٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَسَكَتَ عَنْهُ أَهْلُ دُورِهِ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ وَبَاعُوا دُورَهُمْ فَأَرَادَ مُبْتَاعُوهَا سَدَّ الْبَابِ الْمُحْدَثِ فَأَجَابَ ابْنُ عَتَّابٍ لَا كَلَامَ فِيهِ لِلْمُبْتَاعِ إنَّمَا الْكَلَامُ فِيهِ لِلْبَائِعِينَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا حَتَّى بَاعُوا فَهُوَ رِضًا مِنْهُمْ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ رَشِيقٍ فَقِيهُ الْمُرِّيَّةِ مِثْلَهُ، وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ لَا قِيَامَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُونَ بَاعُوا، وَقَدْ خَاصَمُوا فِي ذَلِكَ وَعَلَى أَنَّ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ يَدُلُّ مَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ سَهْلٍ يُرِيدُ مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَفِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ مِنْ الْأَقْضِيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَكَذَا فِي وَثَائِقِ الْمَعْرُوفِ بِالْمُكْوَى لِلْمُبْتَاعِ الْقِيَامُ عَلَى مُحْدِثِ الضَّرَرِ كَوَكِيلِ الْبَائِعِ عَلَى ذَلِكَ (قُلْت) : وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ فِيهِ سُكُوتُ ذِي أَرْضٍ عَلَى إحْدَاثِ مُرُورِ مَاءٍ عَلَى أَرْضِهِ أَرْبَعِينَ عَامًا ثُمَّ بَاعَ أَرْضَهُ تِلْكَ لَا يُمْنَعُ الْقِيَامَ عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ قُلْت: وَزَعَمَ ابْنُ زَرْقُونٍ أَنَّ بَيْعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْإِحْدَاثِ مَعَ عَدَمِ قِيَامِهِ بِهِ يُسْقِطُ الْقِيَامَ اتِّفَاقًا يُرِيدُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ هَذَا أَنْ لَوْ كَانَ ضَرَرُ الْإِحْدَاثِ يُحَازُ بِالْعِلْمِ بِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015