بِغَيْرِ إذْنِهِ الشَّيْخُ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِ مَالِكَيْ جِدَارٍ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ حَمْلِ مِثْلِهِ عَلَيْهِ إنْ احْتَاجَ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُ صَاحِبَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ مِثْلَ سَقْفِ بَيْتٍ، أَوْ غَرْزِ خَشَبِهِ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلِكُلٍّ الْمَنْعُ فِي الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مَنْعُ شَرِيكِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ شَرِيكُهُ كَسَائِرِ الْمُشْتَرَكَاتِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي الْمَعُونَةِ الْحَائِطُ الْمُشْتَرَكُ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ، وَلَا أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ شَيْئًا إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ فِي التَّلْقِينِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ جُزَيٍّ فِي الْقَوَانِينَ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْجَلَّابِ وَصَاحِبِ الْعُمْدَةِ والتِّلِمْسَانِيُّ نَحْوُ ذَلِكَ فَانْظُرْ مَا حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ هَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا عَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ، أَوْ مُقَيِّدٌ لَهُ، فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) قَالَ فِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مِنْ سُؤَالِ ابْنِ حَبِيبٍ سَحْنُونًا عَنْ الْحَائِطِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَهُمَا مُقِرَّانِ بِذَلِكَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَشَبٌ، وَخَشَبُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ مِنْ الْآخَرِ فَأَرَادَ رَفْعَهَا إلَى حِذَاءِ خَشَبِ صَاحِبِهِ فَمَنَعَهُ قَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ فَإِنْ أَنْكَرَ الَّذِي خَشَبُهُ أَعْلَى أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الْخَشَبِ السُّفْلِيِّ مِنْ فَوْقِ خَشَبِهِ شَيْءٌ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ حَائِزٌ لِمَا فَوْقَ خَشَبِ الْأَسْفَلِ، يُرِيدُ وَلَا عَقْدَ فِي ذَلِكَ الزَّائِدِ الْأَسْفَلِ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ أَنْكَرَ الَّذِي خَشَبُهُ أَعْلَى إلَى آخَرِهِ مَعْنَاهُ أَنَّ صَاحِبَ الْخَشَبِ الْأَعْلَى ادَّعَى أَنَّ مَا فَوْقَ خَشَبِ الْأَسْفَلِ خَاصٌّ بِهِ وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يَشْهَدُ فِي ذَلِكَ الزَّائِدِ الْأَسْفَلِ مِنْ عَقْدِ جِدَارٍ، أَوْ رَبْطٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمُرَادُهُ بِالزَّائِدِ الْأَسْفَلِ مَا تَحْتَ خَشَبِ الْأَعْلَى إلَى خَشَبِ الْأَسْفَلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبِهَدْمِ بِنَاءٍ بِطَرِيقٍ، وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ)
ش: ذَكَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ اقْتَطَعَ سَبِيلًا مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَزَيَّدَهُ وَأَدْخَلَهُ فِي بُنْيَانِهِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُهْدَمُ عَلَيْهِ مَا يَزِيدُهُ مِنْ الطَّرِيقِ وَأَدْخَلَ فِي بِنَائِهِ، وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ وَاسِعًا جِدًّا لَا يَضُرُّهُ مَا اقْتَطَعَهُ مِنْهُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ إنْ كَانَ مَا اقْتَطَعَهُ يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ هُدِمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ.
وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَلَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مُضِرًّا بِالطَّرِيقِ لَهُدِمَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْضًا كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي كِتَابِ السُّلْطَانِ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُلَقَّبِ بِزُونَانَ وَسَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يَتَزَيَّدُ فِي دَارِهِ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ذِرَاعًا، أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَإِذَا بَنَى جِدَارًا وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَجَعَلَهُ بَيْتًا قَامَ عَلَيْهِ جَارُهُ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُهُ مِنْ جَانِبِ الطَّرِيقِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ مَا تَزَيَّدَ، وَرَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَأَرَادَ أَنْ يَهْدِمَ مَا تَزَيَّدَ مِنْ الطَّرِيقِ وَزَعَمَ أَنَّ سَعَةَ الطَّرِيقِ كَانَ رِفْقًا بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِنَاءً لَهُ وَمَرْبِطًا لِدَابَّتِهِ وَفِي بَقِيَّةِ الطَّرِيقِ مَمَرٌّ