لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ)
ش: يُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ فِي نَحْوِهِ عَلَى الْجِدَارِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لَهُ الدُّخُولُ لِإِصْلَاحِ الْجِدَارِ وَنَحْوِ الْجِدَارِ كَالْخَشَبِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْوَسَطِ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى إصْلَاحٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ لَهُ الدُّخُولَ لِإِصْلَاحِ الْجِدَارِ وَكَنَحْوِ إصْلَاحِ الْجِدَارِ كَمَا إذَا وَقَعَ ثَوْبٌ فِي دَارِ جَارِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ لِأَخْذِهِ، أَوْ يُخْرِجَهُ إلَيْهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ إلَّا أَنَّ هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْجَارِ بَلْ كُلُّ مَنْ وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ فِي دَارِ رَجُلٍ حُكْمُهُ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ: لَوْ قَلَعَتْ الرِّيحُ ثَوْبَ رَجُلٍ فَأَلْقَتْهُ فِي دَارِ آخَرَ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ أَنْ يَدْخُلَ فَيَأْخُذُهُ، أَوْ يُخْرِجُهُ لَهُ انْتَهَى.
وَجَعَلَ الْبِسَاطِيُّ مِثْلَ هَذَا إذَا دَخَلَتْ دَابَّةٌ دَارَ رَجُلٍ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَخْذَهَا إلَّا مَالِكُهَا، وَهُوَ وَاضِحٌ وَعَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى إصْلَاحٍ أَحْسَنُ لِشُمُولِهِ لِمَا ذُكِرَ وَلِلْأَوَّلِ أَيْضًا، فَتَأَمَّلْهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: " لِإِصْلَاحٍ " أَنْ لَا يَدْخُلَ إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِصْلَاحِ، وَلَا يَدْخُلُ لِتَفَقُّدِ جِدَارِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ فَتُّوحٍ، وَقَالَ الْمُشَاوِرُ: لَهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ عَنْ الْمُشَاوِرِ: لِمَنْ لَهُ حَائِطٌ بِدَارِ رَجُلٍ لَهُ الدُّخُولُ إلَيْهِ لِافْتِقَادِهِ كَمَنْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي دَارِ رَجُلٍ ابْنُ فَتُّوحٍ مَنْ ذَهَبَ إلَى طُرِّ حَائِطِهِ مِنْ نَاحِيَةِ دَارِ جَارِهِ فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ يَحْتَاجُ إلَى الطُّرِّ كَانَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ كَانَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ (قُلْت:) وَهَذَا كَالْمُخَالِفِ لِقَوْلِ الْمُشَاوِرِ لَهُ الدُّخُولُ لِافْتِقَادِهِ انْتَهَى.
وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْرُبُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ فَتُّوحٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْمُشَاوِرِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْجِدَارِ الَّذِي فِي دَارِ الرَّجُلِ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ إلَّا مِنْ دَارِ جَارِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَشْبِيهُهُ لَهُ بِالشَّجَرَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ فَتُّوحٍ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطُرَّ جِدَارَهُ مِنْ جِهَةِ جَارِهِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْجِدَارِ أَنْ يُطَيِّنَهُ مِنْ دَارِ جَارِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ فِي غِلَظِ الْجِدَارِ زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَهُ أَغْلَظَ مِمَّا كَانَ فِي جِهَةِ الْجَارِ انْتَهَى.
وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي النَّوَادِرِ لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ فِي جَوَابِهِ حَبِيبًا: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُطَيِّنَ حَائِطَهُ مِنْ دَارِ جَارِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ أَنْ يَدْخُلَ دَارِهِ فَيُطَيِّنَ حَائِطَهُ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ فَتُّوحٍ الْمُتَقَدِّمُ ثُمَّ قَالَ إثْرَهُ ابْنُ حَارِثٍ: وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطُّرَّ يَقَعُ فِي هَوَاءِ جَارِهِ إلَّا أَنْ يَنْحِتَ بِحَائِطِهِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطُّرُّ انْتَهَى.
فَكَانَ الرَّاجِحُ عِنْدَ ابْنِ حَارِثٍ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَتُّوحٍ، فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ: وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُطَيِّنَ دَاخِلَ دَارِهِ وَلِجَارِهِ حَائِطٌ فِيهَا فَيَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ نَفْعًا، وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى جَارِهِ انْتَهَى.
(الثَّانِي) قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ لِإِصْلَاحِ جِدَارِهِ مِنْ جِهَتِهِ يَعْنِي أَنَّ الْجَارَ يُجْبَرُ عَلَى إدْخَالِ جَارِهِ لِدَارِهِ لِإِصْلَاحِ جِدَارِهِ مِنْ جِهَتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ قَالُوا: وَكَذَا لِإِخْرَاجِ مَا سَقَطَ لَهُ عِنْدَهُ، أَوْ يُخْرِجُهُ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْإِصْلَاحِ الْهَدْمُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ سَحْنُونٍ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ الدُّخُولَ لِيُطَيِّنَ جِدَارَهُ، وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ إدْخَالِهِ الْجَصَّ وَالطِّينَ وَيَفْتَحُ فِي حَائِطِهِ كُوَّةً لِأَخْذِ ذَلِكَ انْتَهَى.
بِلَفْظِهِ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: فَإِنْ أَرَادَ طُرَّ حَائِطِهِ فَذَهَبَ جَارُهُ إلَى أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الدُّخُولِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْبَنَّاءَ وَالْأُجَرَاءَ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ، وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ صِفْ لَهُمْ مَا تُرِيدُ وَأَمَّا أَنْتَ فَلَا تَتَوَلَّى ذَلِكَ، وَقَدْ يَكْرَهُ جَارُك دُخُولَك دَارِهِ، فَإِنْ مَنَعَ الطِّينُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْبَابِ أَمَرَ صَاحِبَهُ بِفَتْحِ مَوْضِعٍ فِي حَائِطِهِ لِيُدْخِلَ مِنْهُ الطِّينَ وَالطُّوبَ وَالصَّخْرَ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحَائِطُ وَيَعْجِنُ الطِّينَ فِي دَارِهِ وَيُدْخِلُ إلَى دَارِ جَارِهِ فَإِذَا تَمَّ الْعَمَلُ أَغْلَقَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَحَصَّنَهُ.
ص (وَبِقِسْمَتِهِ إنْ طُلِبَتْ لَا بِطُولِهِ عَرْضًا)
ش: