إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِ أَفْعَالِهِ مَحْمُولَةً عَلَى السَّدَادِ كَالْأَبِ لَا فِي أَنَّهُ يَبِيعُ بِغَيْرِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ إلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ فِعْلُهُ فِي الرُّبَاعِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَقَالَ قَبْلَهُ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَهُوَ أَنْقَصُ رُتْبَةً مِنْ الْأَبِ يَبِيعُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بَعْدَ ذِكْرِ سَبَبٍ بِخِلَافِ الْأَبِ وَفِعْلُ الْوَصِيِّ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَانْظُرْ حُكْمَ مُقَدَّمِ الْقَاضِي وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمٌ لِوَصِيٍّ قَالَ فِي فَصْلِ تَقْدِيمِ الْقَاضِي عَلَى حَوْزِ أُصُولِ الْيَتِيمِ: وَالتَّقْدِيمُ عَلَى حَوْزِ الْأُصُولِ خَاصَّةً إنَّمَا هُوَ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهُ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَلَا أَنْ يَبِيعَ عَلَيْهِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُقَدَّمُ عَلَى النَّظَرِ فِي الْجَمِيعِ اهـ.
وَذُكِرَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى إيصَاءِ الْوَصِيِّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّ حُكْمَ مُقَدَّمِ الْقَاضِي كَحُكْمِ الْوَصِيِّ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ، وَقَالَ فِي فَصْلِ تَقْدِيمِ الْقَاضِي عَلَى الْأَيْتَامِ: وَيُعْقَدُ فِي ذَلِكَ مَا نَصُّهُ: " قَدَّمَ الْقَاضِي بِمَدِينَةِ كَذَا أَبُو فُلَانٍ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفَّقَهُ اللَّهُ وَسَدَّدَهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ عَلَى النَّظَرِ لِلْيَتِيمِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَالتَّنَمِّي لِمَالِهِ وَضَبْطِهِ وَتَثْقِيفِهِ، وَإِجْرَاءِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ تَقْدِيمًا أَقَامَهُ فِيهِ مَقَامَ الْوَصِيِّ التَّامِّ الْإِيصَاءِ الْجَائِزِ الْفِعْلِ، بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ يُتْمِ الْيَتِيمِ، وَأَنَّهُ لَا وَصِيَّ لَهُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَلَا مُقَدَّمَ مِنْ حَاكِمٍ مَا أَوْجَبَ التَّقْدِيمَ وَقَبِلَ فُلَانٌ التَّقْدِيمَ إلَخْ. ثُمَّ قَالَ قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: كَانَ بَعْضُ الْقُضَاةِ بِبَلَدِنَا يَشْتَرِطُ عَلَى مَنْ قَدَّمَهُ عَلَى الْيَتِيمِ أَنْ لَا يَبِيعَ لَهُ مِلْكًا وَلَا عَقَارًا إلَّا عَنْ مَشُورَتِهِ، أَوْ مَشُورَةِ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ الْقُضَاةِ قَالَ: وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ لِمَنْ أَخَذَ بِهِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الْوَصِيِّ وَتُعْقَدُ فِي ذَلِكَ: " هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْبَائِعِ عَلَى الْيَتِيمِ الصَّغِيرِ، أَوْ الْكَبِيرِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الَّذِي إلَيَّ نَظَرُهُ بِإِيصَاءِ أَبِيهِ فُلَانٍ بِهِ إلَيْهِ فِي عَهْدِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ عَنْهُ، وَلَمْ يَنْسَخْهُ بِغَيْرِهِ فِي عِلْمِ مَنْ شَهِدَ بِهِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، أَوْ بِتَقْدِيمِ الْفَقِيهِ الْقَاضِي بِمَوْضِعِ كَذَا إلَى فُلَانٍ وَفَّقَهُ اللَّهُ وَسَدَّدَهُ إيَّاهُ عَلَى النَّظَرِ لِلْيَتِيمِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مَا أَوْجَبَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مَعْزُولًا أَوْ مَيِّتًا، زِدْت أَيَّامَ كَوْنِهِ قَاضِيًا بِكَذَا ". ثُمَّ تَكَلَّمَ فِي بَيْعِهِ وَهَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يُثْبِتَ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ نَظَرٍ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ نَظَرٍ حَتَّى يُثْبِتَ أَنَّهُ عَلَى النَّظَرِ، وَذَكَرَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَحَكَى الْبَاجِيُّ فِي وَثَائِقِهِ عَنْ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي فَرْقًا بَيْنَ وَصِيِّ الْأَبِ وَوَصِيِّ الْقَاضِي فَإِنَّهُ أَجَازَ لِوَصِيِّ الْأَبِ بَيْعَ عَقَارِ الْمَحْجُورِ لِوَجْهِ النَّظَرِ وَمَنَعَهُ لِوَصِيِّ الْقَاضِي إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي، قَالَ: لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَلَيْسَ كَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ اهـ.
وَفِي إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلطِّفْلِ الْيَتِيمِ وَصِيٌّ فَأَقَامَ لَهُ الْقَاضِي خَلِيفَةً كَانَ كَالْوَصِيِّ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ اهـ. قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْأُمَّهَاتِ: كَانَ كَالْوَصِيِّ فِي النِّكَاح وَغَيْرِهِ وَيَقُومُ مِنْ هُنَا أَنَّ مُقَدَّمَ الْقَاضِي لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ كَالْوَصِيِّ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ اهـ. وَقَدْ حَكَى الْمُتَيْطِيُّ الْخِلَافَ فِي تَوْكِيلِهِ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْأَقْضِيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كَالْوَصِيِّ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الرُّشْدِ فِي قَوْلِهِ: وَفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي خِلَافٌ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ هَلْ هُوَ كَالْوَصِيِّ فِي إنْكَاحِ الْبِكْرِ، أَمْ لَا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.
ص (وَلَيْسَ لَهُ هِبَةٌ لِلثَّوَابِ)
ش: يَعْنِي: وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ لِلثَّوَابِ بِخِلَافِ الْأَبِ قَالَ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الْهِبَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لِلثَّوَابِ وَيُعَوِّضَ عَنْهُ وَاهِبَهُ لِلثَّوَابِ اهـ. وَقَالَ أَيْضًا قَبْلَ تَرْجَمَةِ هِبَةِ الْمُكَاتَبِ بِأَسْطُرٍ مِنْ كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ وَهَبَ شِقْصًا