الْمَعْنَى: أَنَّهُ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَفِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ تُفْسَخُ لِفَسَادِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ثَالِثُهَا فِي النَّقْدِ دُونَ الْعَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ، هَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا مَا دَفَعَهُ أَمْ لَا؟ نَاسَبَ أَنْ تُحْمَلَ الْمَسْأَلَةُ الْأُخْرَى عَلَى أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ السِّلْعَةَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ وَيَتَمَسَّكَ بِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا مَا دَفَعَهُ، فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إثْرَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَمْ يَجْرِ فِي هَذِهِ مِنْ الْخِلَافِ مَا جَرَى فِي الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَاهُنَا مُخْتَارٌ لِلرَّدِّ بِخِلَافِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَيْهِ.

ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَهَذَا عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضُ بَيْعٍ وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ يَكُونُ أَحَقَّ اهـ. وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يَقُلْ هَذَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا قَالَهُ فِي الْفَرْعِ الَّذِي حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا رَدَّ، ثُمَّ فَلَّسَ، وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَا إذَا عَلِمَ بِالْفَلَسِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَى الْمُفْلِسِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا فَتَأَمَّلْهُ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ، فَلَوْ قَالَ: وَإِنْ أُخِذَتْ بِالنَّقْدِ كَانَ أَبَيْنَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ النَّقْدِ وَالدَّيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَقُولُ: إذَا بِيعَتْ بِالنَّقْدِ يَكُونُ أَحَقَّ وَإِذَا بِيعَتْ بِالدَّيْنِ لَا يَكُونُ أَحَقَّ عَلَى أَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا التَّفْرِقَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ أَنَّ الرَّادَّ لِلسِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي كَلَامِهِ رَاجِعًا لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَتَحْسُنُ الْمُبَالَغَةُ حِينَئِذٍ وَيَكُونُ الْمَعْنَى: أَنَّ الرَّادَّ لِلسِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَلَوْ كَانَ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ، وَلَمْ يَشْتَرِهَا بِالنَّقْدِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ حَلِّ ابْنِ غَازِيٍّ لِلْمَسْأَلَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (لَا بِفِدَاءِ الْجَانِي)

ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَا يُحَاصُّ بِفِدَاءِ الْجَانِي إذْ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جَنَى عِنْدَ الْمُشْتَرِي جِنَايَةً، ثُمَّ فَلَّسَ الْمُشْتَرِي فَالْحُكْمُ فِي هَذَا الْعَبْدِ كَالْحُكْمِ إذَا كَانَ رَهْنًا، ثُمَّ جَنَى وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِي مُحَاصَّةِ السَّيِّدِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يُحَاصُّ هُنَا وَيُحَاصُّ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي أَرَادَهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ كَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَالْجِنَايَةَ لَمْ تَكُنْ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُحَاصُّ إلَخْ اهـ.

ص (وَنَقَضَ الْمُحَاصَّةَ إنْ رَدَّ بِعَيْبٍ)

ش: الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ مُسْتَقِلَّةً، وَيَكُونَ قَوْلُهُ: " وَرَدَّهَا " مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ: " وَالْمُحَاصَّةُ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ " كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيزِ التَّكْرُورِيُّ وَابْنُ الْفُرَاتِ وَابْنُ غَازِيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَرَدَّهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ)

ش: يُرِيدُ وَلَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ بِسَبَبِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015