ش قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: يَجُوزُ إنْفَاقُهُ الْمَالَ عَلَى عِوَضٍ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ كَالتَّزَوُّجِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ مِنْ الْكِرَاءِ فِي الْحَجِّ، وَالتَّطَوُّعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَانْظُرْ هَلْ لَهُ أَنْ يَحُجَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ، أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَانَ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ فِي الْحَجِّ هَلْ عَلَى الْفَوْرِ، أَوْ عَلَى التَّرَاخِي وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ وَتَدَبَّرْ ذَلِكَ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِيهَا وَالْعَجَبُ مِنْ تَرَدُّدِ ابْنُ رُشْدٍ فِي حَجِّ الْفَرِيضَةِ، وَقَدْ نَصَّ فِي النَّوَادِرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحُجُّ الْفَرِيضَةَ قَالَ فِي كِتَابِ الِاسْتِطَاعَةِ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَيْسَ عِنْدَهُ قَضَاءٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحُجَّ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَأَنْ يَغْزُوَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ لَهُ وَفَاءٌ، أَوْ كَانَ يَرْجُو قَضَاءَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحُجَّ قَالَ مُحَمَّدٌ: مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِقْدَارُ دَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ يُرِيدُ مُحَمَّدٌ إلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ، أَوْ يَتْبَعَ وَحْدَهُ، وَقَالَ سَنَدٌ فِي بَابِ الِاسْتِطَاعَةِ: وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِيَدِهِ مَالٌ فَالدَّيْنُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ الْحَجِّ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ: عِنْدَ ابْنِ عَبْدُوسٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَحُجَّ قَالَ سَحْنُونٌ: وَأَنْ يَغْزُوَ يُرِيدُ أَنَّ الْمُعْسِرَ يَجِبُ إنْظَارُهُ فَإِذَا تَحَقَّقَ فَلَسُهُ وَكَانَ جَلْدًا فِي نَفْسِهِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ عَائِقُ الدَّيْنِ وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ لِقُوَّتِهِ عَلَيْهِ أَمَّا مَنْ لَهُ مَالٌ فَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ. فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي حُكْمِ الْحَجِّ الْفَرْضِ فَمَا بَالُكَ بِالتَّطَوُّعِ فَقَدْ سَقَطَ التَّرَدُّدُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ لِوُجُودِ النَّصِّ عَنْ مَالِكٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ.
ص (أَوْ غَابَ إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ)
ش: أَطْلَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْغَيْبَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قَرِيبَةٌ وَحَدَّهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَالْوَاضِحَةُ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ فَلَا يُفَلَّسُ بَلْ يُكْشَفُ عَنْ حَالِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَغَيْبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ وَحَدَّهَا ابْنُ رُشْدٍ بِالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ فُلِّسَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ عُلِمَ لَمْ يُفَلَّسْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَغَيْبَةٌ بَعِيدَةٌ وَحَدَّهَا ابْنُ رُشْدٍ بِالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ قَالَ: وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَفْلِيسِهِ، وَإِنْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ قَالَهُ جَمِيعَهُ فِي رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَأَمَّا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ فَأَطْلَقُوا فِي الْغَيْبَةِ التَّعْمِيمَ وَحَكَوْا الْخِلَافَ فِيهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَنُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ جَمِيعُهُ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَنَصُّهُ: " وَفُلِّسَ ذُو غَيْبَةٍ بَعُدَتْ كَشَهْرٍ، أَوْ تَوَسَّطَتْ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَجُهِلَ تَقْدِيمُ يُسْرِهِ لَأَنْ قَرُبَتْ وَكُشِفَ عَنْهُ كَأَنْ عُلِمَ تَقْدِيمُ يُسْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ "
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَمَّا لَوْ حَضَرَ الْغَرِيمُ وَغَابَ الْمَالُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ تَفْلِيسَ الْغَرِيمِ إذَا كَانَتْ غَيْبَةُ الْمَالِ بَعِيدَةً اهـ. وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَاسْتُؤْنِيَ بِبَيْعِ سِلَعِ مَنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ كَإِنْ قَرُبَتْ عَلَى الْأَظْهَرِ اهـ. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
ص (بِطَلَبِهِ، وَإِنْ أَبَى غَيْرَهُ دَيْنًا حَلَّ)
ش: الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ فُلِّسَ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فِي بِطَلَبِهِ عَائِدٌ عَلَى الْغَرِيمِ وَهُوَ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ طَلَبًا وَدَيْنًا مَفْعُولُهُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فُلِّسَ بِطَلَبِ الْغَرِيمِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْقَاضِي تَفْلِيسُ الْمِدْيَانِ إلَّا بِطَلَبِ الْغَرِيمِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْمَدِينُ تَفْلِيسَ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَفُهِمَ مِنْ إفْرَادِ الضَّمِيرِ فِي طَلَبِهِ وَفِي الْأَبِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ التَّفْلِيسَ وَاحِدٌ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَأَكْثَرُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي أَوَّلِ التَّفْلِيسِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا قَامَ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمِدْيَانِ فَلَهُ أَنْ يُفَلِّسَهُ كَقِيَامِ الْجَمَاعَةِ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شُرُوطِ التَّفْلِيسِ: أَحَدُهَا أَنْ يَقُومَ مِنْ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ اهـ. وَقَالَهُ: غَيْرُهُ وَإِنَّمَا ذَكَرْت عِبَارَتَهُ مَعَ عِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهَا أَصْرَحُ فِي ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
ص (فَيُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ