فِي الْإِكْرَاهِ مُطْلَقًا وَفِي الطَّوْعِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا عَلَى الرَّاجِحِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا أَيْضًا وَذَكَرَ فِي الشَّامِلِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَوَلَدَتْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يُرِيدُ وَكَذَا إنْ لَمْ تَلِدْ يَعْنِي عَلَيْهِ الْحَدُّ سَوَاءٌ حَمَلَتْ أَمْ لَا، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ اشْتَرَى الْمُرْتَهِنُ هَذِهِ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَفْسَهُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَنُوقِضَ قَوْلُهَا لَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ بِقَوْلِهَا آخِرَ كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ جَارِيَةً لَمْ تَحِلَّ لَهُ أَبَدًا وَرُبَّمَا أَخَذَ مِنْ عَدَمِ عِتْقِهِ إبَاحَةَ وَطْئِهَا كَقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: وَجَوَابُ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ بِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ لَا يَخْفَى سُقُوطُهُ عَلَى مُنْصِفٍ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تَأْثِيرَ مَانِعِ احْتِمَالِ الْبُنُوَّةِ فِي حِلْيَةِ الْوَطْءِ أَخَفُّ مِنْ تَأْثِيرِهِ فِي رَفْعِ الْمِلْكِ بِالْوَطْءِ وَقَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ وَتُقَوَّمُ بِلَا وَلَدٍ حَمَلَتْ أَمْ لَا أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ: فِي الْجَلَّابِ، وَمَنْ ارْتَهَنَ أَمَةً فَوَطِئَهَا الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ زَانٍ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَوَلَدُهَا رَهْنٌ مَعَهَا يُبَاعُ بِبَيْعِهَا، وَإِنْ وَطِئَهَا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَإِحْلَالِهَا لَهُ، وَلَمْ تَحْمِلْ لَزِمَ الْمُرْتَهِنَ قِيمَتُهَا وَقَاصَّهُ الْمُرْتَهِنُ بِهَا مِنْ حَقِّهِ الَّذِي لَهُ، وَإِنْ حَمَلَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا دُونَ قِيمَةِ وَلَدِهَا، وَيُقَاصَّ بِقِيمَتِهَا مِنْ حَقِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ اهـ. وَهَذَا الْحُكْمُ حُكْمُ كُلِّ أَمَةٍ مُحَلَّلَةٍ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الزِّنَا وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ وَهِيَ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ هَذَا الْمَحَلَّ، وَأَمَّا كَوْنُ الْأُمِّ تُقَوَّمُ بِدُونِ وَلَدِهَا فَلِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ وَلَدِهَا سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَاحِقٍ بِهِ اهـ. فَقَوْلُهُ: غَيْرُ لَاحِقٍ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَصَوَابُهُ وَهُوَ لَاحِقٌ بِهِ كَمَا عَلِمْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَالْمُرْتَهِنِ بَعْدَهُ)
ش: يَعْنِي يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: بِإِذْنٍ فِي عَقْدِهِ وَهَكَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَسْتَقِلُّ الْمُرْتَهِنُ بِالْبَيْعِ إلَّا بِإِذْنٍ بَعْدَ الْأَجَلِ اعْتَرَضَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِإِذْنٍ بَعْدَ الْأَجَلِ بِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ جَازَ لَهُ بِذَلِكَ الْبَيْعُ كَبَعْدِ الْأَجَلِ قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَابْنُ زَرْقُونٍ لَكِنْ نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ مَنْعَهُ؛ لِأَنَّهُ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ اهـ.
قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ بَعْدَ أَنَّ نَقَلَ كَلَامَ التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ شَكٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الرُّهُونِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةُ اضْطِرَارٍ لِحَاجَتِهِ إلَى ابْتِيَاعِ مَا اشْتَرَى، أَوْ اسْتِقْرَاضِ مَا اسْتَقْرَضَ قَالَ، وَأَمَّا لَوْ طَاعَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ يَرْهَنَهُ رَهْنًا وَيُوَكِّلَهُ عَلَى بَيْعِهِ عِنْدَ أَجَلِ الدَّيْنِ لَجَازَ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ مِنْ الرَّاهِنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ وَالتَّوْكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ انْتَهَى الْقَصْدُ مِنْهُ فَقِفْ عَلَيْهِ كُلَّهُ فِي أَصْلِهِ اهـ. كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ.
وَاَلَّذِي قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ، وَنَصُّهُ
: وَاخْتُلِفَ إنْ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَنَّهُ مُوَكَّلٌ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَبِيعَكَهُ بِكَذَا بِأَصْلِ كَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا، وَأَنَا مُوَكَّلٌ عَلَى بَيْعِهِ دُونَ مُؤَامَرَةِ سُلْطَانٍ. عَلَى قَوْلَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنْ بَيْعِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَقِّ وَهُوَ إسْقَاطُ الْعَنَاءِ عَنْهُ فِي الرَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ إنْ أَلَدَّ بِهِ، وَإِسْقَاطُ الْإِثْبَاتِ عَنْهُ إنْ أَنْكَرَ، أَوْ كَانَ غَائِبًا وَهُوَ قَوْلُ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي وَابْنِ الْقَصَّارِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْوَهَّابِ.
(وَالثَّانِي) أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ وَاخْتُلِفَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إنْ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَعْزِلَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَذَكَرهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهَا: وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي تَوْكِيلِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةِ سُلْطَانٍ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةُ اضْطِرَارٍ لِحَاجَتِهِ إلَى ابْتِيَاعِ مَا اشْتَرَى أَوْ اسْتَقْرَضَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُبَاعُ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا إنْ أَلَدَّ فِي بَيْعِهِ أَوْ بَعْدَ غَيْبَتِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ يَقْضِي مِنْهُ