اخْتَلَفَتْ الْمَنَافِعُ فِي الْحَيَوَانِ جَازَ سَلَمُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ اتَّفَقَتْ أَسْنَانُهَا أَوْ اخْتَلَفَتْ اهـ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا ذَكَرْنَاهُ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ هُوَ الْمَنْصُوصُ لَهُمْ وَالْفِقْهُ الْجَلِيُّ هُوَ مَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِإِثْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْمَنَافِعُ فِي الْحَيَوَانِ إلَخْ فَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ هُوَ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ فِي الْوَجْهِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الِاخْتِلَافُ غَالِبًا عِنْدَ النَّاسِ فَيَرْبِطُ الْحُكْمَ بِهِ وَرُبَّمَا كَانَ غَيْرُ الْفَقِيهِ أَعْرَفَ بِذَلِكَ الْوَجْهِ مِنْ الْفَقِيهِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْفَقِيهِ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ وَشَبَهِهَا مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ وَالرِّوَايَةِ بَلْ يَتْبَعُ مُقْتَضَى الْفِقْهِ حَيْثُمَا وَجَدَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
اهـ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
ص (وَكَصَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ إلَى آخِرِهِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِهِ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ وَيَصِيرُ كَالْجِنْسَيْنِ الصِّغَرُ وَالْكِبَرُ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي جِنْسَيْنِ: الْغَنَمِ وَبَنِي آدَمَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ مُخْتَلِفَانِ إلَّا فِي جِنْسَيْنِ: الْغَنَمِ وَبَنِي آدَمَ اهـ.
فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ سَلَمُ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ أَيْ كَبِيرٍ فِي صَغِيرَيْنِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَأَمَّا سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ وَعَكْسِهِ أَوْ كَبِيرَيْنِ فِي صَغِيرَيْنِ وَعَكْسِهِ فَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الْجَوَازُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُزَابَنَةِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ الصَّغِيرِ فِي الْكَبِيرِ وَعَكْسِهِ، سَوَاءٌ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَفَهِمَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُزَابَنَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ هُنَا يَعْنِي الْقِمَارَ وَالْخَطَرَ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الصَّغِيرِ فِي الْكَبِيرِ إلَى أَجَلٍ يَكْبُرُ فِيهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: اضْمَنْ هَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَإِنْ مَاتَ كَانَ فِي ذِمَّتِكَ وَإِنْ سَلِمَ عَادَ إلَيَّ وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لَكَ وَفِيمَا إذَا أَعْطَاهُ الْكَبِيرَ فِي الصَّغِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا الْكَبِيرَ عَلَى صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ اهـ.
ص (كَالْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ)
ش: أَيْ فَلَا يَجُوزُ مِنْ الصِّنْفَيْنِ صَغِيرٌ فِي كَبِيرٍ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا صَغِيرَانِ بِكَبِيرٍ وَلَا عَكْسُهُ.
ص (وَكَجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي غَيْرِهِ)
ش: أَيْ فِي جِذْعٍ لَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ مُخَالِفٍ لَهُ فِي الطُّولِ وَالْغِلَظِ وَفِي جِذْعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لَيْسَتْ مِثْلَهُ قَالَ فِي السَّلَمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَالْخَشَبُ لَا يُسَلَّمُ مِنْهَا جِذْعٌ فِي جِذْعَيْنِ مِثْلِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ اخْتِلَافُهُمَا كَجِذْعِ نَخْلٍ كَبِيرٍ غِلَظُهُ وَطُولُهُ كَذَا فِي جُذُوعِ نَخْلٍ صِغَارٍ لَا تُقَارِبُهُ فَيَجُوزُ وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَجِنْسًا فَهُوَ قَرْضٌ إنْ ابْتَغَيْتَ بِهِ نَفْعَ الَّذِي أَقْرَضْتَهُ جَازَ ذَلِكَ إلَى أَجَلِهِ وَإِنْ ابْتَغَيْتَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِك لَمْ يَجُزْ وَرُدَّ السَّلَفُ وَلَا يُسَلَّفُ جِذْعٌ فِي نِصْفِ جِذْعٍ مِنْ جِنْسِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ جِذْعًا عَلَى ضَمَانِ نِصْفِ جِذْعٍ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَكَذَلِكَ ثَوْبٌ فِي ثَوْبٍ