الْمَذْهَبِ قَوْلُ إنَّهُ يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ وَغَيْرُ الْمُتَّهَمِ؛ وَلِأَنَّ النَّاسَ يَقْصِدُونَ بَرَاءَةَ أَنْفُسِهِمْ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُمْ الْيَمِينُ، وَالثَّالِثُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ إنْ كَانَ فَقِيرًا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمَا يَعْمُرُ ذِمَّتَهُ لِيَسْتَحِقَّ طَلَبَهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلَا تُهْمَةَ فَتَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنْ يُقَالَ مَتَى تَبَيَّنَتْ التُّهْمَةُ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَمَتَى لَمْ تَتَبَيَّنْ جَازَتْ اهـ.
وَنَقَلَهَا فِي الشَّامِلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ وَلَا نَقْدَيْنِ)
ش: الضَّمِيرُ فِي يَكُونَا عَائِدٌ عَلَى الْعِوَضَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَمُرَّ لَهُمَا ذِكْرٌ؛ لِأَنَّهُمَا مَعْلُومَانِ وَيَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ طَعَامٍ فِي طَعَامٍ وَلَا نَقْدٍ فِي نَقْدٍ وَتَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ وَلَا نَقْدَيْنِ لِلنَّسَأِ وَالتَّفَاضُلِ وَجَرَى يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ فِي ذِكْرِ مَسَائِلِ هَذَا الْفَصْلِ فِي الشُّرُوطِ عَلَى مَا هُوَ الْمَأْلُوفُ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالتَّحْقِيقُ إنَّمَا هِيَ مَوَانِعُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْأَوْصَافِ مُنَافٍ لِلسَّلَمِ وَكُلُّ مَا كَانَ وُجُودُهُ مُنَافِيًا لِلْمَاهِيَّةِ فَهُوَ مَانِعٌ اهـ.
(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا إنْ قُلْت لِأَيِّ مَعْنًى ذَكَرَ هَذِهِ الصُّورَةَ فِي شُرُوطِ السَّلَمِ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ شُرُوطِ مَا هُوَ خَاصٌّ بِهِ لَا فِيمَا هُوَ شَرْطٌ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ السَّلَمِ، وَهُوَ الْبَيْعُ إذْ الطَّعَامَانِ وَالنَّقْدَانِ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ وَالتَّأْخِيرُ فِي الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ السَّلَمِ أَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ حُكْمِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَا قَبْلَ هَذَا، وَأَنَّهُمَا مَمْنُوعَانِ فَأَيُّ وَجْهٍ لِإِعَادَتِهِمَا (قُلْت) لَيْسَ ذِكْرُهُمَا هُنَا مَقْصُودًا بِالذَّاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَصْلُ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ الْمُؤَلِّفُ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ السَّلَمُ إلَى بَيْعِ شَيْءٍ بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ مَا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ الْعِبَارَاتِ فَابْتَدَأَ بِذِكْرِ الطَّعَامَيْنِ وَالنَّقْدَيْنِ عَلَى جِهَةِ التَّدْرِيجِ وَتَكْمِيلِ الْفَائِدَةِ اهـ.
وَمِثْلُهُ يُقَالُ عَلَى عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَاخْتُلِفَ فِي سَلَمِ النَّخْلِ الْمُثْمِرَةِ فِي الطَّعَامِ فَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ، وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: إنْ أَزْهَى مُنِعَ وَإِلَّا جَازَ اهـ.
مِنْ التَّوْضِيحِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْأَصَحُّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ أَوْ أَجْوَدَ)
ش: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى ضَمِيرِ يَكُونُ، وَإِنَّمَا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ.
ص (كَالْعَكْسِ)
ش:؛ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَإِنَّمَا تَمْتَنِعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ فَإِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَمْ يَنُصَّا عَلَى الضَّمَانِ بِالْجُعْلِ، ثُمَّ قَالَ: عَلَى أَنَّ دَفْعَ كَثِيرٍ فِي قَلِيلٍ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْعُقَلَاءِ غَالِبًا فَلِذَلِكَ تُضَعَّفُ التُّهْمَةُ عَلَيْهِ اهـ.
ص (إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ)
ش: أَيْ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ مَنَافِعُ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ سَلَمُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ وَفِي أَقَلَّ وَفِي أَجْوَدَ وَفِي أَرْدَأَ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ تُصَيِّرُ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ كَالْجِنْسَيْنِ وَمِثْلُ ذَلِكَ بِالْفَارِهِ مِنْ الْحُمُرِ الْأَعْرَابِيَّةِ فَإِنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لَكِنَّ اخْتِلَافَ الْمَنْفَعَةِ صَيَّرَهُمَا جِنْسَيْنِ وَكَذَا السَّبَقُ فِي الْخَيْلِ وَالْحَمْلُ فِي الْإِبِلِ وَالْقُوَّةُ عَلَى الْحَرْثِ وَالْعَمَلِ فِي الْبَقَرِ وَكَثْرَةُ اللَّبَنِ فِي الْغَنَمِ وَالصِّغَرُ وَالْكِبَرُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ كَمَا سَيَأْتِي وَكَذَلِكَ رَقِيقُ الْقُطْنِ وَغَلِيظُهُ وَرَقِيقُ الْكَتَّانِ وَغَلِيظُهُ وَكَذَلِكَ الْحَرِيرُ وَالصُّوفُ.
ص (كَفَارِهِ الْحُمُرِ فِي الْأَعْرَابِيَّةِ)
ش: (فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ جِنْسٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ إلَّا أَنْ يُقَرَّبَ مَا بَيْنَهُمَا هَكَذَا حَكَى الْقَوْلَيْنِ غَيْرُ وَاحِدٍ اهـ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهَلْ الْبِغَالُ مَعَ الْحَمِيرِ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَلَا يُسَلَّمُ حِمَارٌ فِي بَغْلٍ وَلَا بَغْلٌ فِي حِمَارٍ حَتَّى يَتَبَايَنَا كَتَبَايُنِ الْحَمِيرِ أَوْ تَبَايُنِ الْبِغَالِ؟ هَذَا