لِأَنَّهُمَا يُتَّهَمَانِ فِي قَطْعِ شُفْعَةِ الشَّفِيعِ قَالَهُ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ التَّوْضِيحِ.

(قُلْت:) فَيَكُونُ مَعْنَى مَا اُخْتِيرَ أَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الشُّفْعَةِ أَنَّهَا مُلْغَاةٌ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا، وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا حَلُّ بَيْعٍ، وَلَا ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي الْمُرَابَحَةِ لَيْسَتْ بِبَيْعٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ مُرَابَحَةً، وَكَانَ قَدْ بَاعَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَقَالَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهَا: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ بِخِلَافِ لَوْ بَاعَهَا، ثُمَّ مَلَكَهَا بِاشْتِرَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ، أَوْ نَقْصٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ:) وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ وَمُرَادُهُمْ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَهِيَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِجَانِبِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ الشُّيُوخِ عَلَيْهَا.

قَالَ فِي السَّلَمِ: الثَّالِثُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَرْجَمَةِ الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ: وَإِنْ أَسْلَمْتَ إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ، ثُمَّ سَأَلَكَ أَنْ تُوَلِّيَهُ ذَلِكَ فَفَعَلَتْ جَازَ ذَلِكَ إذَا نَقَدَكَ، وَتَكُونُ إقَالَةً، وَإِنَّمَا التَّوْلِيَةُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ عِيَاضٌ: فَأَجَازَ الْإِقَالَةَ بِغَيْرِ لَفْظِهَا، وَهُمْ لَا يُجِيزُونَهَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ ابْنُ مُحْرِزٍ؛ لِأَنَّ لَفْظَ التَّوْلِيَةِ لَفْظُ رُخْصَةٍ، وَلَفْظُ الْإِقَالَةِ مِثْلُهُ فَعَبَّرَ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ اهـ. وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِنْ أَعْطَاكَ بَعْدَ الْأَجَلِ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا فَقَالَ لَكَ: اشْتَرِ بِهِ طَعَامًا وَكِلْهُ، ثُمَّ اقْبِضْ حَقَّكَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا، أَوْ وَرِقًا فَيُعْطِيكَ مِثْلَهُ صِفَةً وَوَزْنًا فَيَجُوزُ بِمَعْنَى الْإِقَالَةِ.

قَالَ الشَّيْخُ.

قَالَ عَبْد الْحَقّ اُنْظُرْ فِي هَذَا السُّؤَالِ أَجَازَ دَفْعَ مِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الطَّعَامِ، وَجَعَلَهُ كَالْإِقَالَةِ، وَهُنَا لَمْ يَلْفِظْ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ، فَهَلْ هَذَا يُضْعِفُ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ: بِعْنِي هَذَا الطَّعَامَ الَّذِي قَبْلِي بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَلْفِظَ بِلَفْظِ الْإِقَالَةَ أَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَدَّمْنَا قَدْ دَفَعَ إلَيْهِ مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ طَعَامًا فَيَقْبِضَهُ فَأَيْنَ لَفْظُ الْإِقَالَةِ مِنْ هَذَا، وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ لَمَّا كَانَ مَحْصُولُ ذَلِكَ كَالْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ رَأْسَ الْمَالِ سَوَاءً إلَّا أَنْ يُسَامِحَ هَذَا؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ يُمْسِكُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، أَوْ لَا يُمْسِكُهُ فَإِنَّمَا هُوَ بَابُ تُهْمَةٍ، وَلَسْنَا عَلَى حَقِيقَةٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا صَحَّ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَضَى ذَلِكَ وَنَفَذَ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ كَتَرْكِهِمَا لَفْظَ الْإِقَالَةِ وَانْفِصَالِهِمَا عَلَى الْبَيْعِ؟ انْتَهَى.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فِي الْكَلَامِ بَيْنَ أَلْفَاظِ حُكْمِ الْعُقُودِ الَّتِي تَفْتَقِرُ لِلصِّيغَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِقَالَةَ، وَذَكَرَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ كَلَامَهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَةٌ بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ اسْتَقَالَهُ فَأَقَالَهُ عَلَى أَنَّهُ مَتَى بَاعَهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الثَّمَنِ]

(مَسْأَلَةٌ) : قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَسُئِلَ الْمَازِرِيُّ عَمَّنْ بَاعَ أَرْضًا، ثُمَّ اسْتَقَالَهُ فَأَقَالَهُ عَلَى أَنَّهُ مَتَى بَاعَهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَبَاعَهَا فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَسْخَ الْبَيْعِ، وَالْأَخْذَ بِشَرْطِهِ فَأَجَابَ: اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ شَرْطُهُ، وَالْمَشْهُورُ فَسَادُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ التَّحْجِيرِ، وَهِيَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، فَإِنْ تَرَكَ فُسِخَتْ الْإِقَالَةُ، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَفَاتَتْ الْأَرْضُ بِالْبَيْعِ مَضَى الْبَيْعُ وَفَاتَتْ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ انْتَهَى.

بِلَفْظِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ، وَفِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَبَهْرَامٍ الْكَبِيرُ فِي بَابِ الصَّدَاقِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ أَسْقَطَتْ مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا مِنْ الْعَقْدِ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.

ص (إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْكَ)

ش: قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً، ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهَا، فَقَالَ: أَشْرَكْتُكَ عَلَى أَنْ تَنْقُدَ عَنِّي لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، فَإِنْ نَزَلَ فُسِخَ إلَّا أَنْ يُسْقِطَ السَّلَفَ، فَإِنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَقَالَ: اشْتَرِ وَأَشْرَكَنِي، ثُمَّ بَعْدَ انْعِقَادِ الشِّرَاءِ نَعْقِدُ عَلَيْهِمَا انْتَهَى.

ص (وَاسْتَوَى عَقَدَاهُمَا) ش: أَيْ فِي قَدْرِ ثَمَنٍ وَبَقِيَّةِ أَجَلٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015