تَوْفِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِيهِ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ عَقِبَهُ: وَضَمِنَ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ قُدِّمَ فِي آخِرِ فَصْلِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَالِكَ الْقَبْضَ بِمَا هُوَ فِيهِ فَبَيَّنَهُ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي:) التَّمْكِينُ مِنْ الْقَبْضِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُوَثِّقِينَ: أُنْزِلُهُ فِيهِ مَنْزِلَتَهُ.
قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ: وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ إنْزَالُ الْمُبْتَاعِ فِي الْبَيْعِ فَيَقُولُ: وَأُنْزِلُهُ فِيهِ مَنْزِلَتَهُ، فَإِنْ تَأَخَّرَ إنْزَالُهُ عَنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَنْزَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَعْنَاهُ: مَكَّنَهُ مِنْ قَبْضِهِ وَحَوْزِهِ إيَّاهُ انْتَهَى.
ص (وَإِلَّا الْمُوَاضَعَةَ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ)
ش: تَبِعَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْكَلَامِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَقِيلَ: لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالشَّيْءِ الْغَائِبِ وَالْمُوَاضَعَةِ فَمَا نَصَّهُ لَيْسَ ذِكْرُ الْمُوَاضَعَةِ هُنَا بِالْبَيِّنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهَا يَنْتَهِي إلَى خُرُوجِ الْأَمَةِ مِنْ الْحَيْضَةِ لَا إلَى قَبْضِ الْمُشْتَرِي انْتَهَى.
زَادَ فِي التَّوْضِيحِ فَقَالَ: بَلْ الَّذِي نَقَلَ الْبَاجِيُّ أَنَّ الضَّمَانَ يَنْتَهِي لِرُؤْيَةِ الدَّمِ.
قَالَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَجَازَ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِمْتَاعَ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ انْتَهَى.
وَجَعَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْبَاجِيِّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَعَلَ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَنَصَّهُ فِي الْوَسَطِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْمُوَاضَعَةَ أَيْ فَلَا يُزَالُ ضَمَانُ الْبَائِعِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الْحَيْضَةِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُهَا الْمُبْتَاعُ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يَنْتَهِي الضَّمَانُ فِي حَقِّ بَائِعِهَا إلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ وَنَحْوُهُ فِي الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ (قُلْت) وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ فِي شُرُوحِهِ أَنَّ الْبَاجِيَّ إنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ بِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ، وَنَصُّهَا: وَأَكْرَهُ تَرْكَ الْمُوَاضَعَةِ وَائْتِمَانَ الْمُبْتَاعِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ، فَإِنْ فَعَلَا أَجْزَأَهُ إنْ قَبَضَهَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَهِيَ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى تَدْخُلَ فِي أَوَّلِ دَمِهَا انْتَهَى.
وَنَقَلَ الْبَاجِيُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَنَصُّهُ: إذَا ثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَالْمُوَاضَعَةَ يَقَعُ بِانْقِضَاءِ الْمُوَاضَعَةِ وَذَلِكَ بِظُهُورِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ الدَّمِ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَسَقَطَتْ سَائِرُ أَحْكَامِ الْمُوَاضَعَةِ، وَتَقَرَّرَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا، وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ذَلِكَ لَهُ بِأَوَّلِ مَا تَدْخُلُ فِي الدَّمِ، وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا رَأَتْهُ مِنْ الدَّمِ حَيْضَةٌ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ: وَبِأَوَّلِ دُخُولِهَا فِي الدَّمِ صَارَتْ إلَى ضَمَانِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَلَّ لَهُ أَنْ يُقَبِّلَ، وَيَتَلَذَّذَ وَخَالَفَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ حَتَّى تَسْتَمِرَّ الْحَيْضَةُ لِإِمْكَانِ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ وَاسْتِمْرَارِهِ انْتَهَى.
فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْكِ قَوْلًا بِاسْتِمْرَارِ الضَّمَانِ إلَى خُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ:) وَتَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: الْمُوَاضَعَةُ أَنَّ ضَمَانَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُوَاضَعَةً عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيَّامِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ فِي الْكَبِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ: وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ حَيْضَةٌ، وَنَصَّهُ: فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلِ مَسْأَلَةِ وَفِي اسْتِبْرَاءٍ ضَمَانُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي