أَوْ مُخَالَعٍ إلَى آخِرِهِ)
ش: ذَكَرَ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ غَالِبَ هَذِهِ النَّظَائِرِ أَمَّا الْمُنْكَحُ بِهِ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْمُكَارَمَةُ وَيَجُوزُ فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ نِحْلَةً، وَالنِّحْلَةُ مَا لَمْ يُتَعَوَّضْ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: فِيهِ الْعُهْدَةِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ.
قَالَ مَالِكٌ: أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْبُيُوعِ النِّكَاحُ، وَأَمَّا الْمُخَالَعُ بِهِ، فَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ خِلَافًا بَلْ قَالَ: وَأَمَّا الْمُخَالَعُ بِهِ فَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُهْدَةٌ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْمُنَاجَزَةُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا كَانَتْ تَمْلِكُ نَفْسَهَا بِالْخُلْعِ مِلْكًا تَامًّا نَاجِزًا لَا يَتَعَقَّبُهُ رَدٌّ، وَلَا فَسْخٌ وَجَبَ أَنْ يَمْلِكَ الزَّوْجُ الْعِوَضَ مِلْكًا نَاجِزًا قَالَ: وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ مِنْ دَمِ عَمْدٍ، وَمِثْلُهُ الْمَأْخُوذُ مِنْ دَيْنٍ فَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ عُهْدَةٌ لِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ فِي ذَلِكَ أَمَّا الْعَبْدُ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَرَى الْعُهْدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرًى بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةٍ فَأَشْبَهَ الْعَرَضَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِيهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ قَالَ: وَهَذَا قَائِمٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ: وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُقْرَضُ فَقَالَ: لَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِيهِ؛ إذْ لَيْسَ بِبَيْعٍ، وَالْعُهْدَةُ إنَّمَا هِيَ فِيمَا اُشْتُرِيَ مِنْ الرَّقِيقِ قَالَ: وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى عَلَى صِفَةٍ قَائِمَةٍ لَمْ تَكُنْ فِيهِ عُهْدَةٌ؛ لِأَنَّ وَجْهَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي إسْقَاطَهَا لِاقْتِضَائِهِ التَّنَاجُزَ إذَا كَانَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الْغَائِبَ عَلَى مَا أُدْرِكَتْ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ.
فَإِنْ اشْتَرَطَ الصَّفْقَةَ لَمْ تَكُنْ فِيهِ عُهْدَةٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الصَّفْقَةِ بَيْعٌ مُؤَخَّرٌ قَاطِعٌ لِلضَّمَانِ وَالْعُهْدَةِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ فَمَرَّةً حَمَلَ مَالِكٌ الْبَيْعَ عَلَى ذَلِكَ وَمَرَّةً جَعَلَ السِّلْعَةَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ، فَيَكُونُ قَبْضُهُ لَهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَبْضًا نَاجِزًا لَا عُهْدَةَ فِيهِ اهـ. وَمَعْنَى كَلَامِهِ: أَنَّ الْبَائِعَ إنْ شَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ مِنْهُ أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ فَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ وَالْعُهْدَةِ إذَا أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ إذَا وَصَلَ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُهُ كَانَ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِلضَّمَانِ وَالْعُهْدَةِ قَالَ: وَأَمَّا الْمُقَاطَعُ بِهِ فَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ عُهْدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَأَعْتَقَهُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَأَشْبَهَ الْمُسْلَمَ فِيهِ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ فَسَقَطَتْ الْعُهْدَةُ قَالَ: وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِي الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ بَيْعٌ عَلَى الْمُكَارَمَةِ لَا عَلَى الْمُكَايَسَةِ، وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَبْدَ الْمُنْكَحَ بِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مِنْ