اسْتِحْقَاقِ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ فِي الْعُرُوضِ وَالدُّورِ وَالْأَرْضِينَ: وَوُجُودُ هَذَا الْعَيْبِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْفُصُولِ كَالِاسْتِحْقَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (الثَّالِثُ:) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا زَادَ الْمَعِيبُ عَلَى النِّصْفِ، وَلَوْ يَسِيرًا فَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ابْتَاعَ سِلَعًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَسَمَّوْا لِكُلِّ سِلْعَةٍ عَشَرَةً فَأَصَابَ بِأَحَدِهَا عَيْبًا لَمْ يُنْظَرْ إلَى مَا سَمَّوْا لِكُلِّ ثَوْبٍ، وَلَكِنْ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيَمِ الثِّيَابِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ لَيْسَ بِوَجْهِ الصَّفْقَةِ رَدَّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَمْ يَكُنْ إلَّا الرِّضَا بِالْعَيْبِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ رَدُّ جَمِيعِ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْمَعِيبِ خَمْسِينَ دِينَارًا، أَوْ قِيمَةُ كُلِّ سِلْعَةٍ نَحْوَ الثَّلَاثِينَ لَمْ تَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ حَتَّى تَكُونَ حِصَّتُهُ أَكْثَرَ الثَّمَنِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْجَمِيعِ مِائَةَ دِينَارٍ وَثَمَنُ هَذَا الْمَعِيبِ سَبْعِينَ، أَوْ ثَمَانِينَ فَهَذَا وَجْهُ الصَّفْقَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ ثَمَنُهُ سَبْعِينَ، أَوْ ثَمَانِينَ بَلْ يَكُونُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ إذَا زَادَ عَلَى خَمْسِينَ، وَلَوْ دِينَارَيْنِ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قُلْتُ:) مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً يَرْجِعُ بِمَا يَنُوبُ الْعَيْبَ مِنْ الْقِيمَةِ.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

قَالَ: وَعَلَيْهِ، فَهَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ، أَوْ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ، وَهُوَ اخْتِيَارٌ وَمَعْنَاهُ إذَا كَانَتْ قَائِمَةً يَوْمَ الْحُكْمِ، وَلَمْ تَفُتْ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ الْمَرْدُودِ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَ الثَّمَنُ السِّلْعَةَ لَا فِي جُزْئِهَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَرَجَعَ لَا سِيَّمَا إنْ تَعَيَّبَ النِّصْفُ مِنْ قِيمَةِ نِصْفِ السِّلْعَةِ، وَلَيْسَ حَقُّ الْبَائِعِ بِأَوْلَى مِنْ حَقِّ الْمُبْتَاعِ، وَعَلَيْهِ فَفِي انْقِلَابِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ قَوْلَانِ اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَرْدُودُ النِّصْفَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ:) مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَأَمَّا إنْ انْتَقَضَ وَظَهَرَ الْعَيْبُ فِي الْبَاقِي فَلَا تَفْرِيقَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا فَاتَ.

قَالَ فِي الْكِتَابِ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا، وَأَلْفَى الْآخَرَ مَعِيبًا يَرُدُّ الْمَعِيبَ وَيَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا؟ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا قَدْ فَاتَ، فَإِنْ كَانَ عَرَضًا لَمْ يَفُتْ فَهَاهُنَا يَفْتَرِقُ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ رَدَّهُ وَقِيمَةَ الْهَالِكِ وَرَجَعَ فِي عَيْنِ عَرَضِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ لَيْسَ بِوَجْهِ الصَّفْقَةِ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَرَضِ لَا فِي عَيْنِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَفْتَرِقْ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كُلِّفَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ الْهَالِكِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِوَجْهِ الصَّفْقَةِ رَدَّ قِيمَةَ ذَلِكَ عَيْنًا، وَرَجَعَ فِي عَيْنٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَرَضًا فَكُلِّفَ غُرْمَ قِيمَةِ التَّالِفِ غَرِمَ ثَمَنًا، وَرَجَعَ فِي عَرَضٍ فَهَذَا مُفْتَرِقٌ، وَإِذَا كَانَ عَرَضًا قَدْ فَاتَ صَارَ كَالْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى قِيمَتِهِ، وَهُوَ ثَمَنٌ اهـ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ خِلَافًا، وَعَزَا هَذَا لِعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ نَقَلَ قَوْلًا ثَانِيًا بِأَنَّهُ يَرُدُّ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ مَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَعَزَاهُ لِلَّخْمِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ) .

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ مِنْ الْعَبْدَيْنِ وَصَفَاهُ وَقُوِّمَتْ تِلْكَ الصَّفْقَةُ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ انْتَقَدَ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبُغ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ انْتَقَدَ، أَوْ لَمْ يَنْتَقِدْ، وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ.

ص (أَوْ أَحَدَ مُزْدَوَجَيْنِ، أَوْ أُمًّا وَوَلَدَهَا)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ابْتَاعَ خُفَّيْنِ، أَوْ نَعْلَيْنِ، أَوْ مِصْرَاعَيْنِ، أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْتَرِقُ فَأَصَابَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَ مَا قَبَضَهُمَا، أَوْ قَبْلَ فَإِمَّا رَدَّهُمَا جَمِيعًا، أَوْ قَبِلَهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِأَخٍ لِصَاحِبِهِ، أَوْ كَانَتْ نِعَالًا فُرَادَى فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015