الْمُنْتَقَى فِي الْقَضَاءِ بِالْحَضَانَةِ وَنَصُّهُ: وَإِنْ شَكَا الْأَبُ ضَيَاعَ نَفَقَةِ ابْنِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَهُ فَقَدْ كَتَبَ إلَى سَحْنُونٍ شَبْحَرَةُ فِي الْخَالَةِ تَجِبُ لَهَا الْحَضَانَةُ، فَيَقُولُ الْأَبُ يَكُونُ وَلَدِي عِنْدِي لِأُعَلِّمَهُ وَأُطْعِمَهُ؛ لِأَنَّ الْخَالَةَ تَأْكُلُ مَا أَرْزُقُهُ، وَهِيَ تُكَذِّبُهُ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُطْعِمَهُ وَيُعَلِّمَهُ وَتَكُونُ الْحَضَانَةُ لِلْخَالَةِ، فَجَعَلَ الْحَضَانَةَ أَنْ يَأْوِيَ إلَيْهَا وَتُبَاشِرَ سَائِرَ أَحْوَالِهِ مِمَّا لَا يَغِيبُ عَلَيْهَا مِنْ نَفَقَتِهِ، انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ يُشِيرُ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ وَطَلَاقِ السُّنَّةِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَلَهُ مِنْهَا بِنْتُ أَرْبَعِ سِنِينَ فَيَقُولُ: مَا عِنْدِي مَا أُنْفِقُ عَلَيْهَا أَرْسِلِيهَا إلَيَّ تَأْكُلُ مَعِي فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مُضِرًّا بِهَا، وَلَكِنْ يُنْظَرُ فِيمَا يَقُولُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أَمْرًا غَالِبًا مَعْرُوفًا قِيلَ لَهَا أَرْسِلِيهَا تَأْكُلُ مَعَ أَبِيهَا وَتَأْتِيكِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ لِلرَّجُلِ الْمُوسِرِ أَنْ تَأْكُلَ ابْنَتُهُ عِنْدَهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ نَفَقَتَهَا إلَى أُمِّهَا الْحَاضِنَةِ لَهَا؛ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ نُظِرَ فِي حَالِهِ؛ فَإِنْ تَبَيَّنَ صِدْقُ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يُرِيدُ الضَّرَرَ بِمَا دَعَا إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ وَلَدُهُ عِنْدَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ الْعُتْبِيَّةِ وَكَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهَا، وَقَالَ بَعْدَهُ: (قُلْت:) وَنَقَلَهُ ابْنُ فَتُّوحٍ غَيْرَ مُعْزٍ وَكَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَلِابْنِ زُرَّقُونَ عَنْ الْبَاجِيِّ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْخَالَةِ وَنَقَلَ كَلَامَ الْبَاجِيِّ الْمُتَقَدِّمَ بِرُمَّتِهِ، وَقَالَ بَعْدَهُ: (قُلْت:) كَذَا فِي النَّوَادِرِ.
وَهُوَ خِلَافُ الرِّوَايَاتِ أَنَّ طَعَامَ الْمَحْضُونِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ حَاضِنَتِهِ مَنْ كَانَتْ، وَالْعَجَبُ مِنْ الْبَاجِيِّ وَابْنِ زُرَّقُونَ فِي قَبُولِهِمَا هَذَا، وَتَصْدِيقُ الْأَبِ عَلَى الْخَالَةِ أَنَّهَا تَأْكُلُ رِزْقَهُمْ وَيَأْتِي لِلشَّعْبِيِّ نَحْوُ هَذَا، انْتَهَى.
ص (وَالسُّكْنَى بِالِاجْتِهَادِ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلَى الْأَبِ السُّكْنَى، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ سَحْنُونٌ: تَكُونُ السُّكْنَى عَلَى حَسَبِ الِاجْتِهَادِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ عَلَى قَدْرِ الْجَمَاجِمِ، وَرَوَى لَا شَيْءَ عَلَى الْمَرْأَةِ مَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا، وَقِيلَ: إنَّهَا عَلَى الْمُوسِرِ مِنْ الْأَبِ وَالْحَاضِنَةِ، وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ قَوْلًا بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأُمِّ مِنْ السُّكْنَى، وَرَأَى اللَّخْمِيّ أَنَّ الْأَبَ إنْ كَانَ فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ أَوْ بِكِرَاءٍ، وَلَوْ كَانَ وَلَدُهُ مَعَهُ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِي الْكِرَاءِ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَنْدُوحَةٍ عَنْ دَفْعِ الْأُجْرَةِ فِي سُكْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ يُزَادُ عَلَيْهِ فِي الْكِرَاءِ أَوْ عَلَيْهَا هِيَ لِأَجْلِ الْوَلَدِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِمَّا يُزَادُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لِأَجْلِهِ؛ فَإِنْ كَانَ مَا زِيدَ عَلَيْهَا أَقَلَّ أَخَذَتْهُ؛ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي أَضَرَّ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مَا يُزَادُ عَلَيْهِ غَرِمَهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ.
وَفِي الطُّرَرِ لَا سُكْنَى لِلرَّضِيعِ عَلَى أَبِيهِ مُدَّةَ الرَّضَاعِ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ الرَّضَاعَةِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُسْكِنَهُ خَلِيلٌ، وَلَا أَظُنُّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الرَّضِيعِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ الَّتِي اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ هِيَ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ لَا. فَقَالَ: (فَائِدَةٌ) فِي الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ هِيَ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ لَا، مِنْهَا هَذِهِ يَعْنِي أُجْرَةَ الْمَسْكَنِ الَّذِي فِيهِ الْمَحْضُونُ، وَمِنْهَا أُجْرَةُ كَاتِبِ الْوَثِيقَةِ، وَمِنْهَا كَنْسُ الْمِرْحَاضِ، وَمِنْهَا حَارِسُ الْأَنْدَرِ، وَمِنْهَا أُجْرَةُ الْقَاسِمِ، وَمِنْهَا التَّقْوِيمُ عَلَى الْمُعْتِقِينَ، وَمِنْهَا الشُّفْعَةُ إذَا وَجَبَتْ لِلشُّرَكَاءِ هَلْ هِيَ عَلَى الشُّرَكَاءِ أَوْ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ، وَمِنْهَا الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَمِنْهَا النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ، وَمِنْهَا إذَا أَرْسَلَ أَحَدُ الصَّائِدَيْنِ كَلْبَهُ وَالْآخَرُ كَلْبَيْنِ، وَمِنْهَا إذَا أَوْصَى بِمَجَاهِيلَ مِنْ أَنْوَاعٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ
(فَرْعٌ) وَلِلْحَاضِنَةِ الْإِخْدَامُ إنْ كَانَ الْأَبُ مَلِيًّا وَاحْتَاجَ الْمَحْضُونُ لِمَنْ يَخْدُمُهُ، قَالَ فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا أَخَذَ الْوَلَدَ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ فَعَلَى الْأَبِ نَفَقَتُهُمْ وَكِسْوَتُهُمْ وَسُكْنَاهُمْ مَا بَقَوْا فِي الْحَضَانَةِ وَيَخْدُمُهُمْ إنْ احْتَاجُوا إلَى ذَلِكَ وَكَانَ الْأَبُ مَلِيًّا وَلِحَاضِنَتِهِمْ قَبْضُ نَفَقَتِهِمْ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا إخْدَامَ عَلَى الْأَبِ نَقَلَهُ عَنْهُ اللَّخْمِيّ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ كَلَامَ اللَّخْمِيّ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ اللَّخْمِيّ وَاخْتُلِفَ فِي خِدْمَتِهِ فَفِيهَا إنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ