مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى وَنَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ، وَمِنْهَا مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ الشَّهَادَاتِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ الْمَشَذَّالِيَّ فِي الصُّلْحِ وَسَمَاعَ عِيسَى فِي الْحَجِّ.
ص (وَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ)
ش: يُرِيدُ إذَا كَانَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ لِلرُّؤْيَةِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْحَمْلِ كَانَتْ لَهَا النَّفَقَةُ كَذَا قَيَّدَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ إطْلَاقَ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الْحَمْلُ لِلِعَانٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَأَمَةٍ)
ش: أَيْ لَا نَفَقَةَ لِحَمْلِ أَمَةٍ يُرِيدُ وَالزَّوْجُ حُرٌّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَا عَلَى عَبْدٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَانِعُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ كَوْنُ ذَلِكَ رَقِيقًا كَمَا لَوْ وُلِدَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ مُوجِبَانِ مِنْ مُوجِبَاتِ النَّفَقَةِ لِشَخْصٍ أَخَذَ نَفَقَةً وَاحِدَةً بِأَقْوَى الْمُوجِبَيْنِ وَسَقَطَ الْمُوجِبُ الْآخَرُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْهَا وَلَيْسَ لِلْأَمَةِ الْحَامِلِ نَفَقَةٌ عَلَى الزَّوْجِ إذَا طَلَّقَهَا إذْ الْوَلَدُ رِقٌّ لِغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَكَذَلِكَ حُرَّةٌ طَلَّقَهَا عَبْدٌ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ، انْتَهَى. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْحَامِلِ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا إذَا كَانَا حُرَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ حُرَّةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ نَفَقَةٌ لِحَمْلِهَا فِي الْبَائِنِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَمَةً وَالزَّوْجُ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَتِيقٌ بِعِتْقِ أُمِّهِ، وَيَخْتَلِفُ إذَا عَتَقَ الْحَمْلُ وَحْدَهُ، فَعَلَى الْقَوْلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَتِيقًا إلَّا بِالْوَضْعِ تَبْقَى النَّفَقَةُ عَلَى السَّيِّدِ، وَعَلَى أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ الْآنِ وَفِيهِ الْغُرَّةُ تَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ، انْتَهَى مِنْ التَّبْصِرَةِ. وَطَلَاقُ السُّنَّةِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا عَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مَا فِي بَطْنِهَا فَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ وَتَكُونُ بِمَا تَضَعُهُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ عِتْقٌ بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُهُ عِتْقُ السَّيِّدِ إذْ لَا يَتِمُّ عِتْقُهُ إلَّا بِالْوَضْعِ، وَلِأَنَّهَا تُبَاعُ فِي فَلَسِهِ وَيَبِيعُهَا وَرَثَتُهُ قَبْلَ الْوَضْعِ إنْ شَاءُوا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا، انْتَهَى. وَلَوْ ضَرَبَهَا رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا؛ فَإِنَّ فِيهِ مَا فِي جَنِينِ أُمِّهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهَا كَانَ فِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ وَوَلَاؤُهُ إنْ اسْتَهَلَّ لِأَبِيهِ، وَلَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَى عِتْقِ السَّيِّدِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَشْتَرِيهَا أَجْنَبِيٌّ بَعْدَ عِتْقِ السَّيِّدِ جَنِينَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُرْهِقَهُ دَيْنٌ وَيَرُدُّ إنْ فَعَلَ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْأَمَةِ: وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَفِيهِ عَقْلُ جَنِينِ أَمَةٍ، بِخِلَافِ جَنِينِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا فَتِلْكَ فِي جَنِينِهَا عَقْلُ جَنِينِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ جَنِينَ الْأَمَةِ لَا يُعْتَقُ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَجَنِينَ أُمِّ الْوَلَدِ حُرٌّ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ، انْتَهَى.
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ فِي بَابِ الظِّهَارِ لِقَوْلِهِ إذَا عَتَقَ الْجَنِينُ لَا يُجْزِئُهُ وَيَعْتِقُ بَعْدَ وَضْعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَذَا أَعْنِي سُقُوطَ نَفَقَةِ الْأَمَةِ الْبَائِنِ الْحَامِلِ عَنْ زَوْجِهَا الْحُرِّ إنَّمَا يَظْهَرُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَمَةُ جَارِيَةَ وَلَدِهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ مَنْ يَعْتِقُ وَلَدَ الْأَمَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ الْآنَ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ تَعْلِيلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمُ لُزُومِ النَّفَقَةِ لِحَمْلِ الْأَمَةِ بِكَوْنِ الْوَلَدِ رِقًّا، وَمِنْ بِنَاءِ اللَّخْمِيِّ لُزُومُ النَّفَقَةِ وَعَدَمُ لُزُومِهَا فِيمَا إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْجَنِينَ فَقَطْ عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ حُرًّا مِنْ الْآنِ، أَوْ إنَّمَا يَكُونُ حُرًّا بَعْدَ وَضْعِهِ أَنَّ النَّفَقَةَ لَازِمَةٌ لِلزَّوْجِ إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ لِمَنْ يَعْتِقُ وَلَدَ الزَّوْجِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، قَالَ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا وَلَدَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ إلَّا أَنْ يَبْتَاعَهَا حَامِلًا فَتَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَوْ كَانَتْ لِأَبِيهِ فَابْتَاعَهَا حَامِلًا لَمْ تَكُنْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا قَدْ عَتَقَ عَلَى جَدِّهِ، بِخِلَافِ أَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ أَرَادَ بَيْعَ أَمَتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا فِي بَطْنِهَا، وَالْأَجْنَبِيُّ لَوْ أَرَادَ بَيْعَ أَمَةٍ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا جَازَ ذَلِكَ وَدَخَلَ حَمْلُهَا فِي الْبَيْعِ مَعَهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ شِرَاؤُهَا مِنْ وَالِدِهِ، وَهِيَ حَامِلٌ؛ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا قَدْ عَتَقَ عَلَى جَدِّهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ، وَيُسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَ مِنْ ثَمَنِهَا بِمَا اسْتَثْنَى، وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيَكُونُ أَمْ لَا.؟ فَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَنِينِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَكَذَلِكَ لَا يُسْتَثْنَى انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُ الْغَيْرِ هَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ