الْبَيْنُونَةَ مُسْقِطَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مِنْ الْحَاكِمِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ طَلَاقَ الْحَاكِمِ بَائِنٌ إلَّا لِلْإِيلَاءِ وَلِلْعُسْرِ بِالنَّفَقَةِ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ لَهَا النَّفَقَةُ فِي ذَلِكَ، قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ فِي فَصْلِ النَّفَقَاتِ (مَسْأَلَةٌ) وَتَجِبُ النَّفَقَةُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا فِي أَيَّامِ عِدَّتِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَكَانَ الزَّوْجُ يَمْلِكُ ارْتِجَاعَهَا فِيهِ، سَوَاءٌ أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ السُّلْطَانُ بِإِيلَاءٍ أَوْ عَدَمِ نَفَقَةٍ إذَا أَيْسَرَ فِي الْعِدَّةِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُولِي أَيَّامَ الْعِدَّةِ وَلِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّ رَجْعَتَهُ لَا تَصِحُّ بِالْقَوْلِ إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ الْفِعْلُ، وَأَمَّا الْمَبْتُوتَةُ وَالْمُبَارَأَةُ وَالْمُخْتَلِعَةُ وَكُلُّ مَنْ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ رَجْعَتَهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ: وَكُلُّ مُطَلَّقَةٍ لَهَا السُّكْنَى، وَكُلُّ بَائِنَةٍ بِطَلَاقِ بَتَاتٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ مُبَارَأَةٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَهَا السُّكْنَى، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ إلَّا فِي الْحَمْلِ الْبَيِّنِ، فَذَلِكَ لَهَا مَا أَقَامَتْ حَامِلًا مَا خَلَا الْمُلَاعِنَةَ، فَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ، انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ يَعْنِي الْمَفْسُوخَ، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَكُلُّ طَلَاقٍ فِيهِ رَجْعَةٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا حَامِلًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ، وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْمُولِي إذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ فُرْقَةَ الْإِمَامِ فِيهَا غَيْرُ بَائِنٍ وَهُمَا يَتَوَارَثَانِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ، وَتَجِبُ السُّكْنَى فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَوْ ذَاتِ مَحْرَمٍ بِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ وَتَعْتَدُّ فِيهِ حَيْثُ كَانَتْ تَسْكُنُ، وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَلَا كِسْوَةَ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَذَلِكَ عَلَيْهِ، انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْمُولِي إذَا طُلِّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ ثُمَّ أَيْسَرَ فِي الْعِدَّةِ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَإِنْ لَمْ تَرْتَجِعْ.؟ فَعَلَى مَا نَصَّ هُنَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَمِثْلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ، ثُمَّ قَالَ فَانْظُرْ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ مَسْأَلَةَ النَّصْرَانِيَّةِ تُسْلِمُ تَحْتَ النَّصْرَانِيِّ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ، وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ خِلَافُهُ صَحَّ مِنْ جَامِع الطُّرَرِ اللَّخْمِيُّ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ مَنْ أَحْفَظُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ الَّتِي تَمْلِكُ رَجْعَتَهَا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ إذْ أَحْكَامُهَا أَحْكَامُ الْأَزْوَاجِ فِي عَامَّةِ أُمُورِهَا، وَقَوْلُهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الشَّيْخُ هَذَا إذَا كَانَ مِمَّا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا مَا يُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ فَلَا، انْتَهَى.
ص (وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ لَا إنْ مَاتَتْ)
ش: قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ: وَتَقَدَّمَ لِلشَّعْبِيِّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عِيسَى أَفْتَى فِي مُطَلَّقَةٍ طَلَاقًا بَائِنًا أَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا مَا دَامَ الْوَلَدُ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فِي بَطْنِهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَوَقَعَتْ وَحَكَمَ فِيهَا الْقَاضِي ابْنُ الْخَرَّازِ بِالنَّفَقَةِ وَأَفْتَى فِيهِ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ حَتَّى طَالَ عَلَى زَوْجِهَا الْإِنْفَاقُ، فَاسْتَشَارَنِي فِي ذَلِكَ فَأَفْتَيْتُهُ بِالسُّقُوطِ إذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَطْنَهَا صَارَ لَهُ كَفَنًا، وَإِنَّمَا النَّفَقَةُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا، فَلَوْ تَرَكَتْ غِذَاءَهَا مَاتَ، فَإِذَا اعْتَرَفَتْ بِأَنَّهُ مَاتَ فَقَدْ صَارَ لَا غِذَاءَ لَهُ، وَإِنَّمَا صَارَ دَاءً فِي بَطْنِهَا يَحْتَاجُ إلَى دَفْعِهِ عَنْهَا بِالدَّوَاءِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي وَثَائِقِهِ: وَمِنْ كِتَابِ النَّفَقَاتِ لِابْنِ رَشِيقٍ كَتَبْتُ إلَى الْفَقِيهِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ دَحُونٍ بِقُرْطُبَةَ أَسْئِلَةً عَنْ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلْقَةَ مُبَارَأَةٍ فَادَّعَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ مِنْهُ وَثَبَتَ الْحَمْلُ فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ وَلَمْ تَضَعْ فَوَقَفَهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَقَالَتْ: إنَّ الْجَنِينَ فِي بَطْنِي وَهُوَ بِهِ مَيِّتٌ، فَكَتَبَ إلَيَّ مُجَاوِبًا: إذَا مَاتَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا كَمَا زَعَمَتْ فَقَدْ انْقَطَعَتْ النَّفَقَةُ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ بِسَبَبِ الْجَنِينِ، وَقَالَ بِهِ أَيْضًا الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الشِّقَاقِ وَزَادَ قَالَ: وَانْقِضَاءُ عِدَّتِهَا مِنْهُ بِالْوَضْعِ، انْتَهَى. وَقَالَ