إلَى الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَلَى قُرْبٍ فَلَيْسَ عَلَيْهَا انْتِظَارُهُ، وَهَذَا أَقْيَسُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، إذْ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهَا بَيْنَ قُرْبٍ، وَلَا بُعْدٍ، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَقَالَ فِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَأَنَّهُ يُضْرَبُ لَهَا أَجَلٌ أَرْبَعُ سِنِينَ مَا نَصُّهُ: وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهَا نَفَقَةٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ سِنِينَ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: إنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فَرَضَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ نَفَقَةً فَيَكُونُ سَبِيلُهَا فِي النَّفَقَةِ سَبِيلَ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ؛ لِأَنَّهُ كَالْغَائِبِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ مَنْ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهَا بِالنَّفَقَةِ فِي مَالِهِ.

وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ عَلَى مَا مَضَى فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ فِي الْمَفْقُودِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ عَنْهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا عِيسَى وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِاخْتِلَافِ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا الْمَفْقُودُ، انْتَهَى. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ الْعُتْبِيَّةِ: هَذَا يَحْسُنُ أَنْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ عِلْمِهَا وَمَضَى أَمَدُ الدُّخُولِ وَبِعِلْمِهَا وَلَمْ يَعُدْ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ؛ فَإِنْ عَلِمَتْ بِسَفَرِهِ لِذَلِكَ الْمَكَانِ وَقَامَتْ قَبْلَ وَقْتِ رُجُوعِهِ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا إنْ سَافَرَ الشَّفِيعُ بِحَدَثَانِ الشَّتْرَاءَ فَأَقَامَ سِنِينَ ثُمَّ قَدِمَ إنْ كَانَ سَفْرًا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَئُوبُ مِنْهُ إلَّا لِأَمْرٍ يَقْطَعُ شُفْعَتَهُ، فَلَا شُفْعَةَ وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى.

(الْخَامِسُ) لَا يَلْزَمُ النَّفَقَةُ بِدُعَاءِ الزَّوْجِ إلَى الْبِنَاءِ اتِّفَاقًا، قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَالْبَلَدُ)

ش: فَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ مِثْلِهِ وَمِثْلِهَا مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهُ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَصِنْفُ مَأْكُولِهَا جُلُّ قُوتِهَا بِبَلَدِهِمَا يُفْرَضُ لَهَا مِنْ الطَّعَامِ مَا يَرَى أَنَّهُ الشِّبَعُ مِمَّا يَقْتَاتُ بِهِ أَهْلُ بَلَدِهِمَا مِنْ الْبِلَادِ مَا لَا يُنْفِقُ أَهْلُهُ شَعِيرًا بِحَالِ غَنِيِّهِمْ وَلَا فَقِيرِهِمْ، وَمِنْهَا مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ يَسْتَخِفُّ وَيُسْتَجَازُ، انْتَهَى.

ص (فَيُفْرَضُ الْمَاءُ وَالزَّيْتُ وَالْحَطَبُ)

ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَرِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ لَيْسَ عَلَيْهِ طَحْنُ الْمُدِّ، خِلَافُ سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ، وَيُفْرَضُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ مَا فِيهِ مَاؤُهَا وَطَحْنُهَا وَنُضْجُ خُبْزِهَا ابْنُ عَرَفَةَ، لَعَلَّ الْمَنْفِيَّ وِلَايَةُ طِحْنِهِ وَالْمُثْبَتَ أُجْرَةٌ. الْمُتَيْطِيُّ وَافَقَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِقُرْطُبَةَ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ قَفِيزِ الْقَمْحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015