أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَكَانَ الْحُكْمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي اسْتِبْرَاءِ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْ وَإِنْ ابْتَاعَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا وَبَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا فَلْيَسْتَبْرِئْ الْمُبْتَاعُ بِحَيْضَةٍ انْتَهَى
ص (وَهَلْ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ)
ش: يَعْنِي وَهَلْ نَفْيُ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا حَصَلَ الْمِلْكُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَمْضِيَ مِقْدَارُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ يَعْنِي مِقْدَارَ حَيْضَةٍ كَافِيَةٍ فِي الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ فِي الْعَدَدِ كَذَا فَسَّرَ ابْنُ فَرْحُونٍ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمْضِيَ مِقْدَارُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ نَفْيُ الِاسْتِبْرَاءِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَمْضِيَ أَكْثَرُ حَيْضَتِهَا يَعْنِي أَقْوَاهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا عَزَلَ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَاسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا بَلْ بِمُجَرَّدِ تَلَذُّذِهِ بِهَا حَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ وَمَلَكَهَا الْأَبُ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا حَمَلَتْ أَمْ لَا كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا إلَّا أَنَّهَا تُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَمْ تَحْمِلْ وَإِنْ حَمَلَتْ لَمْ تُبَعْ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ فَإِذَا مَلَكَهَا بِوَطْئِهِ إيَّاهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى اسْتِبْرَاءٍ آخَرَ بَعْدَ الْوَطْءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ وَطْئِهِ وَلَوْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَتَأَوَّلَ ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ الشَّقَّاقِ وَابْنُ الْكَاتِبِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْغَيْرِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ يَعْنِي الِاسْتِبْرَاءَ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ يَعْنِي أَنَّ أَقَلَّ الشُّيُوخِ عَلَى تَأْوِيلِهَا عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَإِنَّ قَوْلَ الْغَيْرِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ فَلِيَسْتَبْرِئهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ قَدْ عَزَلَهَا عِنْدَهُ وَاسْتَبْرَأَهَا وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا لِفَسَادِ وَطْئِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً عِنْدَ الْأَبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكُلُّ وَطْءٍ فَاسِدٍ فَلَا يَطَأُ فِيهِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ انْتَهَى فَظَاهِرُ قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَطَرِيقُ الْأَكْثَرِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَكْثَرَ فَهِمُوا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ عَزَلَهَا عِنْدَهُ وَاسْتَبْرَأَهَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ بَعْدَهُ انْتَهَى.
وَاخْتَارُوا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَجَّحُوهُ وَرَدُّوا قَوْلَ الْغَيْرِ بِأَنَّهُ وَطْءٌ فَاسِدٌ فَإِنَّ الْأَبَ إذَا تَلَذَّذَ بِجَارِيَةِ وَلَدِهِ حَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ وَلَزِمَتْ الْأَبُ الْقِيمَةُ فَهِيَ بِمُجَرَّدِ مُخَالَطَتِهَا وَمُبَاشَرَتِهَا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا وَصَارَتْ مِلْكًا لَهُ فَمَا حَصَلَ وَطْؤُهُ إلَّا فِي مَمْلُوكَةٍ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا فَكَفَاهُ ذَلِكَ كَمَا يَكْفِي الْمُودَعَ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بَلْ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً مِنْ فُضُولِيٍّ وَحَاضَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَجَازَ رَبُّهَا الْبَيْعَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: هِيَ الْمُودِعَةُ يَعْنِي لَا تَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ آخَرَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ بَلْ الْغَاصِبُ إذَا حَاضَتْ عِنْدَهُ الْأَمَةُ ثُمَّ ضَمِنَهَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الضَّمَانِ أَوْ اشْتَرَاهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ الشَّقَّاقِ وَابْنُ الْكَاتِبِ الْأَكْثَرَ وَحَمَلُوا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مُوَافَقَتِهِ لِلْغَيْرِ وَحَمَلُوا قَوْلَ الْغَيْرِ فَلِيَسْتَبْرِئهَا إذَا لَمْ يَكُنِ الْأَبُ قَدْ عَزَلَهَا عِنْدَهُ وَاسْتَبْرَأَهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إذَا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ فَلِيَسْتَبْرِئهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَزَلَهَا عِنْدَهُ وَاسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ وَطْئِهِ الْفَاسِدِ.
وَاخْتَارَ هَذَا التَّأْوِيلَ ابْنُ مَرْزُوقٍ شَيْخُ ابْنِ رُشْدٍ