وَإِنْ كَانَ لَا يَطَؤُهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا قِيلَ فَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ قَائِمَ الْخَصِيِّ قَالَ إنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ لَزِمَهُ الْوَلَدُ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَا يُلْحَقُ بِهِ انْتَهَى، وَقَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمَجْبُوبُ الْمَقْطُوعُ جَمِيعُ مَا هُنَالِكَ، وَالْخَصِيُّ الْمَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ الْمَسْلُولُ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَذَكَرُهُ قَائِمٌ أَوْ بَعْضُهُ، وَالْفُقَهَاءُ يُطْلِقُونَهُ عَلَى الْمَقْطُوعِ مِنْهُ أَحَدُهُمَا انْتَهَى، وَقَالَ فِي النُّكَتِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إذَا كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ، وَالْخَصِيُّ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ، وَلَدٌ وَلَا عِدَّةَ عَلَى امْرَأَتِهِ.
وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الْخُصَا فَعَلَى الْمَرْأَةِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَطَأُ بِذَكَرِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ وَلَدٌ، وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ قَائِمَ الْخُصَا فَهَذَا إنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَحْوِهِ حَفِظْتُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا مِنْ الْقَرَوِيِّينَ انْتَهَى، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ، وَالْخَصِيُّ لَا يَلْزَمُهُ وَلَدٌ إنْ أَتَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَقَالَ بَعْدَهُ، وَتَعْتَدُّ امْرَأَةُ الْخَصِيِّ فِي الطَّلَاقِ قَالَ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّهُ يُصِيبُ بِبَقِيَّةِ ذَكَرِهِ انْتَهَى، فَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ هِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا عَلَى الْخَصِيِّ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ، وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ الَّذِي جَمَعَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كَلَامُ صَاحِبِ النُّكَتِ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ اللَّخْمِيّ رَجَّحَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَائِمِ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ الْخَصِيَتَيْنِ عَدَمَ الْعِدَّةِ، وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فَتَحْصُلُ مِنْ هَذَا أَنَّ الَّذِي يُسْأَلُ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ الْمَقْطُوعُ ذَكَرُهُ دُون أُنْثَيَيْهِ، وَأَيْضًا فَلَمْ يَقُلْ فِي هَذِهِ إنَّهُ يُسْأَلُ النِّسَاءُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
، وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، وَهِيَ قَوْلُهُ، وَمَا تَرَاهُ الْيَائِسَةُ هَلْ هُوَ حَيْضٌ فَيُشِيرُ بِهِ إلَى قَوْلِهِ فِي كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا بَلَغَتْ الْحُرَّةُ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثِينَ، وَلَمْ تَحِضْ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَلَوْ تَقَدَّمَ لَهَا حَيْضَةٌ مَرَّةً لَطَلَبَتْ الْحَيْضَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا اعْتَدَّتْ سَنَةً مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ تِسْعَةً بَرَاءَةً، ثُمَّ ثَلَاثَةً عِدَّةً فَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَ عَشْرَةِ أَشْهُرٍ رَجَعَتْ إلَى الْحَيْضِ، وَإِنْ ارْتَفَعَ ائْتَنَفَتْ سَنَةً مِنْ يَوْمِ انْقَطَعَ الدَّمُ، ثُمَّ إنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ فِي السَّنَةِ رَجَعَتْ إلَى الْحَيْضِ هَكَذَا تَصْنَعُ حَتَّى تُتِمَّ ثَلَاثَ حِيَضٍ أَوْ سَنَةً لَا حَيْضَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ الَّتِي لَمْ تَحِضْ فِيهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْيَائِسَةُ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ مَا أَخَذَتْ فِي عِدَّةِ الْأَشْهُرِ فَتَرْجِعُ إلَى عِدَّةِ الْحَيْضِ، وَتَلْغِي الشُّهُورَ، وَتَصْنَعُ كَمَا وَصَفْنَا هَذَا إنْ قَالَ النِّسَاءُ فِيمَا رَأَتْهُ الْيَائِسَةُ إنَّهُ حَيْضٌ، وَإِنْ قُلْنَ إنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ أَوْ كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ لَا تَحِيضُ مِنْ بَنَاتِ السَّبْعِينَ أَوْ الثَّمَانِينَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَيْضٌ، وَتَمَادَتْ بِالْأَشْهُرِ انْتَهَى.
وَفِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَائِدَةٌ، وَهِيَ إنَّمَا يُسْأَلُ عَمَّنْ يُشَكُّ فِي أَمْرِهَا هَلْ هِيَ يَائِسَةٌ أَمْ لَا؟ وَأَمَّا مَنْ تَحَقَّقَ أَنَّهَا يَائِسَةٌ كَبِنْتِ السَّبْعِينَ فَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ عَنْهَا، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ، وَقَوْلُهُ يَعْنِي فِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَيْضًا ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَصُومُ، وَتُصَلِّي وَلَا تَغْتَسِلُ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ، وَالْآخَرُ أَنَّ حُكْمَهَا فِي الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ حُكْمُ الْحَائِضِ إلَّا الْعِدَّةَ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ إذَا أَشْكَلَ الْأَمْرُ عَلَيْهِنَّ فَيُرْجَعُ لِمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ حَيْضٌ يُشِيرُ بِذَلِكَ لِمَا قَالَ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْوُضُوءِ، وَالنِّسَاء فِي الْحَيْضِ يَنْقَسِمْنَ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ: صَغِيرَةٌ لَا يُشْبِهُ أَنْ تَحِيضَ، وَمُرَاهِقَةٌ يُشْبِهُ أَنْ تَحِيضَ، وَبَالِغَةٌ فِي سِنِّ مَنْ تَحِيضُ، وَمُسِنَّةٌ تُشْبِهُ أَنْ لَا تَحِيضَ، وَعَجُوزٌ لَا يُشْبِهُ أَنْ تَحِيضَ، وَلَمَّا لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا فِي السُّنَّةِ حَدٌّ يُرْجَعْ إلَيْهِ مِنْ السِّنِينَ يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ الْمُسِنَّةِ الَّتِي يُشْبِهُ أَنْ لَا تَحِيضَ، وَبَيْنَ الْعَجُوزِ الَّتِي يُشْبِهُ أَنْ تَحِيضَ، وَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ كَمَا قَالَ فَلْيُسْأَلْنَ عَنْهُ فَإِنْ قُلْنَ إنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي دَفَعَتْ دَفْعَةً أَوْ دَفْعَتَيْنِ مِنْ دَمٍ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ فِيمَا كَانَتْ ظَنَّتْ أَنَّ مِثْلَهَا تَحِيضُ فَلْتُعِدَّ ذَلِكَ الدَّمَ حَيْضًا، وَتَغْتَسِلْ مِنْهُ إذَا انْقَطَعَ عَنْهَا، وَتُصَلِّي، وَإِنْ قُلْنَ مِثْلُهَا لَا يَحِيضُ فَلَا تَعُدَّ ذَلِكَ حَيْضًا، وَلَا تَتْرُكْ الصَّلَاةَ، وَلَا تَغْتَسِلْ مِنْهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ