شَكَّ أَنَّهُ مَجَازٌ فَلَا يَنْبَغِي إدْخَالُهُ فِي حَقِيقَةِ الْعِدَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْحَدِّ عِدَّةُ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا مِنْ الْوَفَاةِ لِتَيَقُّنِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ عُلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَالْجَوَابُ أَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إنَّمَا شُرِعَتْ فِيمَنْ عُلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا احْتِيَاطًا لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَادَّعَاهُ الزَّوْجُ لَحِقَ بِهِ فَالْعِدَّةُ وَاجِبَةٌ لِتَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَدْرِ مَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا حَدٌّ يُرْجَعُ إلَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حُمِلَ الْبَابُ مَحْمَلًا وَاحِدًا فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَى مَنْ كَانَتْ فِي الْمَهْدِ حَسْمًا لِلْبَابِ فَعُلِمَ أَنَّ أَصْلَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ إنَّمَا هُوَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَيَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِالْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1] عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ: مَنْ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ هَلْ الْحُكَّامُ أَوْ الْمُطَلِّقُونَ؟ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ الْمُطَلَّقَاتُ؟ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِحْصَاءِ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَعَلُّقًا بِذَلِكَ انْتَهَى.
ص (بِخَلْوَةِ بَالِغٍ)
ش: أَيْ بِسَبَبِ خَلْوَةِ بَالِغٍ، وَهِيَ إرْخَاءُ السُّتُورِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ خَلْوَةً لَا عِدَّةَ.
وَهُوَ كَذَلِكَ، وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الْبِنَاءِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَرْعٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَوْ كَانَ مَعَهَا نِسَاءٌ حِينَ دَخَلَ، وَانْصَرَفَ بِمَحْضَرِهِنَّ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا الْبَاجِيُّ، وَكَذَلِكَ امْرَأَةٌ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إثْرَ كَلَامِ الْبَاجِيِّ هَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ قَدْ فُقِدَتْ انْتَهَى، وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْكَبِيرِ كَلَامَ الْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ، وَنَصُّهُ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَامْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَأَكْثَرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءً؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ لَمْ تَثْبُتْ الشَّيْخُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ أَوْ النِّسَاءُ مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ وَالصِّيَانَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ النِّسَاءُ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ، فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يَمْنَعْنَ الْخَلْوَةَ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ بَالِغٌ احْتِرَازٌ مِنْ غَيْرِ الْبَالِغِ، وَإِنْ قَوِيَ عَلَى الْجِمَاعِ (فَإِنْ قِيلَ) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَالصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُطِيقُ الْوَطْءَ لَا عِدَّةَ فِي، وَطْئِهِ (قِيلَ) ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا مَاءَ لَهُ قَطْعًا فَلَا يُولَدَ لَهُ قَطْعًا، وَنَفْيُ الْوَلَدِ عَنْ الصَّغِيرَةِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ لَا يَبْلُغُ الْقَطْعَ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ لِلِاحْتِيَاطِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ رَأَى جَدَّةً بِنْتَ إحْدَى، وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَعَرَفْتُ أَنَّ فِي بِلَادِ مَكَّةَ مِثْلَ ذَلِكَ كَثِيرًا كَالْيَمَنِ انْتَهَى.
ص (أَمْكَنَ شَغْلُهَا)
ش: الشَّغْلُ فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ ضَمُّ أَوَّلِهِ، وَتَسْكِينُ ثَانِيهِ، وَضَمَّهُمَا مَعًا، وَفَتْحُ أَوَّلِهِ، وَتَسْكِينُ ثَانِيهِ