بِالْمَعْنَى فَقَطْ فَانْدَفَعَ السُّؤَالُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ إلَّا مَجَازًا فَتَأَمَّلْهُ، وَقَوْلُهُ مَنْ يَنْكِحُ هُوَ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ
، وَشَرْطُ الْمُرْتَجِعِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يُرِيدُ أَنَّ الْمُرْتَجِعَ، وَالنَّاكِحَ يَسْتَوِيَانِ فِي الشُّرُوطِ دُونَ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ، فَكُلُّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجِ يُشْتَرَطُ فِي الْمُرْتَجِعِ، وَذَلِكَ هُوَ الْعَقْلُ انْتَهَى.
فَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ الْبُلُوغَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَجِعَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلنِّكَاحِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بَالِغًا انْتَهَى، وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْبُلُوغَ لَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِهِ إذْ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ غَيْرِ الْبَالِغِ لَا يَلْزَمُ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ إلَّا بِخُلْعٍ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْعَقْلِ، فَظَاهِرٌ كَمَا إذَا طَلَّقَ، وَهُوَ عَاقِلٌ، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ الْجُنُونُ، فَارْتَجَعَ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ.
ص (وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ، وَمَرَضٍ، وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ)
ش: اعْلَمْ أَنَّ الَّذِينَ يُمْنَعُونَ مِنْ النِّكَاحِ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ الرَّجْعَةِ خَمْسَةٌ الْمُحْرِمُ، وَالْعَبْدُ، وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَالْمَرِيضُ، وَالْمِدْيَانُ إذَا قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ، وَغَيْرُهُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ سِتَّةٌ يُرَدُّ نِكَاحُهُمْ: الْمُحْرِمُ، وَالْعَبْدُ، وَالْمُفْلِسُ، وَالسَّفِيهُ، وَالْمَرِيضُ، وَالْمُرْتَدُّ إلَّا أَنْ يُجِيزَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ، وَالْمِدْيَانِ، وَوَلِيِّ السَّفِيهِ، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَجُوزُ بِالْإِجَازَةِ، وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ لَا تَجُوزُ بِالْإِجَازَةِ، وَيُفْسَخُ، وَإِنْ دَخَلُوا، وَلَهُمْ أَنْ يُرَاجِعُوا إذَا طَلَّقُوا طَلَاقًا رَجْعِيًّا انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ، وَالْمِدْيَانِ لَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ غُرَمَاءُ الْمِدْيَانِ أَوْ أَطْلَقَ الْمِدْيَانَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ فَلَهُمْ أَنْ يُرَاجِعُوا أَمَّا الْخَمْسَةُ الْأُوَلُ، فَذَلِكَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ فِي كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا؛ لِأَنَّ بِرِدَّتِهِ تَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ، وَعَدَمُ إذْنِ سَيِّدٍ يُرِيدُ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الِارْتِجَاعِ قَالَهُ فِي رَسْمِ شَكٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ الْعِصْمَةَ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ فِيهَا ثَامًّا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ انْتَهَى.
وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: لَا تَحْتَاجُ الْمُرْتَجَعَةُ إلَى وَلِيٍّ، وَلَا صَدَاقٍ، وَلَا رِضًا مِنْ الْمُرْتَجِعَةِ انْتَهَى، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ، وَسُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ بِشُرُوطِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَدَخَلَ بِهَا فَأَجَابَ تَزْوِيجُهَا رَجْعَةٌ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا إلَّا الْأَوَّلُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالثَّانِي قُلْت تَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ عَرَضَ صَدَقَتَهُ ظَنًّا أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ فَإِذَا فَاتَ الصَّدَاقُ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
ص (طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ)
ش: اُحْتُرِزَ بِغَيْرِ الْبَائِنِ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا، فَإِنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الثَّلَاثَ قَالَ فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَالْخُلْعُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ سَمَّاهَا أَوْ لَمْ يُسَمِّ طَلَاقًا، وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ، وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا فِي عِدَّتِهِ إنْ تَرَاضَيَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ بِوَطْءٍ صَحِيحٍ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ لَهُ فِيهَا طَلَاقٌ يَكُونُ بِهِ هَذَا ثَلَاثًا لِلْحُرِّ أَوْ اثْنَتَيْنِ لِلْعَبْدِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ انْتَهَى.
وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ، وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا إلَّا أَنْ تُثْقَلَ بِالْحَمْلِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ كَالْمَرِيضَةِ انْتَهَى، وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ فَصْلٌ فَإِنْ رَاجَعَ هَذَا الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْمُخْتَلِعَةَ مِنْهُ أَوْ الْمُفْتَدِيَةَ فَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ رِضَاهَا، وَوَلِيٌّ يَعْقِدُ عَلَيْهَا وَصَدَاقٌ يُبْذَلُ لَهَا كَالنِّكَاحِ الْمُبْتَدَإِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهَا قَدْ مَلَكَتْ بِالطَّلَاقِ أَمْرَ نَفْسِهَا، فَصَارَ هُوَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ يَنْفَرِدُ بِتَزْوِيجِهَا فِي الْعِدَّةِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِنْهُ، وَالْمَاءَ مَاؤُهُ فَلَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً أَوْ حَامِلًا مُثْقَلًا قَدْ بَلَغَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَرِيضَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا حَتَّى يَزُولَ ذَلِكَ الْمَانِعُ مِنْهَا انْتَهَى.
فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ بَائِنٍ الْمُخْتَلِعَةُ، وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَالطَّلَاقُ الْمَحْكُومُ بِهِ، وَالثَّلَاثُ.
ص " فِي عِدَّةٍ صَحِيحٌ "
ش: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ التَّنْبِيهِ: وَقَدْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا نَظَرْتُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ لَمْ تَكُنْ فِيهِ رَجْعَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُفْسَخُ ثَبَتَتْ الرَّجْعَةُ انْتَهَى، وَهَذَا دَاخِلٌ فِي كَلَامِ