إذَا حَلَفَتْ لَتَفْعَلَنَّ فَمَنَعَهَا مِنْ الْفِعْلِ فَالْمَشْهُورُ الْحِنْثُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تُعْذَرُ بِهِ وَالصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَوْجَتِهِ الْقَرَابَةُ الْقَرِيبَةُ غَيْرُ الْأَبَوَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ بِخِلَافِ إذَا لَمْ يَحْلِفْ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِدُخُولِهِمْ، انْتَهَى.
(الثَّالِثُ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ أَيْضًا: وَسُئِلَ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ عَمَّنْ حَلَفَ لِامْرَأَتِهِ بِطَلَاقِهَا أَلْبَتَّةَ لَا أَخَدَمْتُكِ إلَّا خَادِمِي وَحَلَفَتْ هِيَ بِعِتْقِ خَادِمِهَا أَوْ صَدَقَةِ ثُلُثِ مَالِهَا لَا أَخْدَمَهَا إلَّا خَادِمَهَا مَنْ أَوْلَى بِالْحِنْثِ مِنْهُمَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الزَّوْجَ أَوْلَى بِالْحِنْثِ الْبُرْزُلِيُّ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَخْدُمُ الزَّوْجَةَ هَلْ خَادِمُهَا أَوْ خَادِمُهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِخَادِمِهَا لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَصَالِحِهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهَا خَادِمٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَخْدُمَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ يُكْرِيَ مَنْ يَخْدُمُهَا أَوْ يَشْتَرِيَ لَهَا خَادِمًا يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثِ، انْتَهَى.
(الرَّابِعُ) قَالَ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ لِرَجُلٍ أَوْ ضَمَانُ عَارِيَّةٍ فَغَابَ عَلَيْهَا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا لَيُؤَدِّيَنَّ ذَلِكَ وَحَلَفَ الطَّالِبُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا لَيُؤَدِّيَنَّ ذَلِكَ وَحَلَفَ الطَّالِبُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثَةً إنْ قَبِلَهُ فَأَمَّا الدَّيْنُ فَيُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى قَبْضِهِ وَيَحْنَثُ وَلَا يُجْبَرُ فِي أَخْذِ قِيمَةِ الْعَارِيَّةِ وَيَحْنَثُ الْمُسْتَعِيرُ إنْ أَرَادَ لَيَأْخُذُهُ مِنِّي فَإِنْ أَرَادَ لِيُغَرِّمَنَّهُ لَهُ قَبِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ لَزِمَ ذِمَّتَهُ وَالْعَارِيَّةَ إنَّمَا ضَمِنَهَا لِغَيْبَةِ أَمْرِهَا فَإِنَّمَا يُقْضَى بِالْقِيمَةِ لِمَنْ طَلَبَهَا فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَلَهُ تَرْكُهَا وَقَدْ تَسْقُطُ أَنْ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهَا، انْتَهَى.
(الْخَامِسُ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَقَدْ قُلْت لِي كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كُنْتُ قُلْته فَلْيَدِينَا وَيُتْرَكَا إنْ ادَّعَيَا يَقِينًا، قَالَ ابْنُ نَاجِي: مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَنَقَلَ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَانِثٌ لِأَنَّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَاحِدًا مِنْهُمَا حَانِثٌ وَيُتَوَهَّمُ مُعَارَضَتُهَا بِمَا إذَا اخْتَلَطَتْ مَيِّتَةٌ مَعَ مُذَكَّاةٍ فَإِنَّهُمَا يَحْرُمَانِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ عَلَى هَذَا طَلَاقَهَا وَأَجَابَ بَعْضُ الْمَشَارِقَةِ بِتَعْيِينِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِي الْمُذَكَّاةِ وَلِذَلِكَ لَوْ تَعَدَّدَ مَالِكٌ الشَّاتَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي ذَكَاةَ شَاتِهِ لَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَكْلُ شَاتِهِ لِتَعَذُّرِ تَعْيِينِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالتَّحْرِيمِ وَلَفْظُ الْكِتَابِ مُحْتَمَلٌ لِلْيَمِينِ وَعَدَمِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُمَا إنْ شَكَّا أَوْ ظَنَّا أَنَّهُمَا يَحْنَثَانِ وَفِي كِتَابِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ فِي الْعَبْدِ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هُوَ حُرٌّ إنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ حُرٌّ إنْ لَمْ يَدْخُلْهُ فَلْيُدَيَّنَا وَلْيُتْرَكَا إنْ ادَّعَيَا يَقِينًا فَإِنْ شَكَّا عَتَقَا عَلَيْهِمَا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ الْقَضَاءُ الْمَغْرِبِيُّ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ هُنَا، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) مَنْ حَلَفَ عَلَى رَجُلٍ لَيَأْكُلَنَّ بُرًّا بِثَلَاثِ لُقَمٍ وَقِيلَ إنْ كَانَ أَوَّلُ الطَّعَامِ لَيُبْرِئُهُ الثَّلَاثُ وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ أَبْرَأَتْهُ، انْتَهَى. مِنْ الْبُرْزُلِيُّ، وَقَالَ أَيْضًا: مَسْأَلَةُ إذَا حَلَفَ لِغَرِيمِهِ بِالطَّلَاقِ عَلَى حَقِّهِ لَا بُدَّ أَنْ يَأْخُذَهُ فَعَثَرَ لَهُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ فَأَخَذَهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ إنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ، الْبُرْزُلِيُّ فَلَوْ ائْتَمَنَ لِمَنْ يَسْأَلُهُ أَخَذَهُ فَكَذَلِكَ وَمَنْ مَنَعَ فَلَا وَمَنْ يَكْرَهُهُ فَفِي بِرِّهِ بِذَلِكَ نَظَرٌ، وَقَالَ: مَسْأَلَةُ إذَا حَلَفَ لِابْنِهِ لَا كَلَّمَهُ حَتَّى يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ يَبْرَأُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنْ لَا يُكَلِّمُهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا الْبُرْزُلِيُّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ مُطْلَقَ الطَّلَاقِ كَافٍ وَإِنْ ارْتَجَعَهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُقُوعُ ذَلِكَ فِي الْعِصْمَةِ وَقَدْ حَصَلَ، انْتَهَى.
ص (وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِحَرَامٍ وَآخَرُ بِبَتَّةٍ)
ش: قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَثْنَاءِ مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْبَتَّةِ وَالْآخَرُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ بِالثَّلَاثِ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَكَذَلِكَ وَاحِدٌ بِ خَلِيَّةٍ وَآخَرُ بِ بَرِيَّةٍ أَوْ بَائِنٍ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْأَلْفَاظُ وَكَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا كَانَتْ شَهَادَةً وَاحِدَةً وَأُخِذَ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ وَالْآخَرُ بِالْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنَّهَا تُلَفَّقُ وَأَمَّا لَوْ شَكَّ الشُّهُودُ هَلْ حَنِثَ بِهَذَا أَوْ بِهَذَا فَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ يُفْتِي بِعَدَمِ اللُّزُومِ لِشَكِّ الشُّهُودِ فِي الْيَمِينِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ، وَأَعْرِفُ لِلَّخْمِيِّ فِي بَابِ تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ