طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ فَعَلْت كَذَا، فَقَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَازِمٌ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَحْلِفُ مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا تَكْرَارًا ثُمَّ هُوَ عَلَى يَمِينِهِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَبْيَنُ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ وَعِنْدَهُ شُهُودٌ: ائْذَنْ لِي أَذْهَبُ لِأَهْلِي، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ أَذِنْتُ لَكِ قَدْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُسْمِعَهَا وَأُرَدِّدَ الْيَمِينَ وَلَمْ أَقْطَعْ كَلَامِي، فَقَالَ مَالِكٌ: مَا أَظُنُّهَا وَلَا بَانَتْ مِنْهُ.
وَفِيهِ مَا تَرَى الْإِشْكَالُ وَمَا هُوَ بِالْيَمِينِ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ إلَّا أَنْ يُفْهِمَهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، الْوَاجِبُ عَلَى الْمَشْهُورِ مَنْ رَعَى الْبِسَاطَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ طَلَاقٌ وَلَا حَلِفٌ لِأَنَّ سُؤَالَهَا الْإِذْنَ لِأَهْلِهَا دَلِيلٌ عَلَيْهِ لَا تَبْتِيلُ الطَّلَاقِ وَلَوْ سَأَلَتْهُ تَبْتِيلَهُ، فَقَالَ ذَلِكَ اللَّفْظَ بِعَيْنِهِ بَانَتْ مِنْهُ بِالثَّلَاثِ قَوْلًا وَاحِدًا وَعَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، قَالَ فِيهَا: مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَنَّهُ يَنْوِيَ إنْ دَخَلَتْهَا فِي أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ وَاحِدَةً فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَلَاقًا إلَّا أَنْ تَدْخُلَ الدَّارَ، انْتَهَى. بِاخْتِصَارٍ وَفِي رَسْمِ كُتِبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ حَقٍّ مِنْ السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَوْ طَلَّقَ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلْت، فَقَالَ: هِيَ طَالِقٌ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ فَفِي لُزُومِ طَلْقَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ قَوْلَانِ)
ش: قَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: هِيَ طَالِقٌ فَإِنْ نَوَى إخْبَارَهُ فَلَهُ نِيَّتُهُ، قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ نَصٌّ عَلَى النِّيَّةِ وَسَكَتَ عَنْ غَيْرِهَا وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَذَهَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لِقَرِينَةِ السُّؤَالِ، انْتَهَى.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: وَمِنْهُمْ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ عَدِمَ الْبَيِّنَةَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سِوَى تِلْكَ الطَّلْقَةِ لِأَنَّ بِسَاطَ جَوَابِهِ عَلَى السُّؤَالِ الَّذِي يُسْأَلُ عَنْهُ مَا صَنَعَ فِيهِ فَأَخْبَرَ عَنْهُ وَلَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَضْرَبَ عَنْ السُّؤَالِ وَابْتَدَأَ طَلَاقًا، انْتَهَى.
وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: إنْ نَوَى إخْبَارَهُ بِنِيَّتِهِ فَلَا تَخْلُو هَذِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَقُولَ فِيهِ هِيَ مُطَلَّقَةٌ أَوْ قَالَ: هِيَ طَالِقٌ فَإِنْ قَالَ: هِيَ مُطَلَّقَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الطَّلْقَةِ الْأُولَى بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ هِيَ مُطَلَّقَةٌ إخْبَارٌ وَإِنْ قَالَ: هِيَ طَالِقٌ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ نِيَّةً أَوْ لَا يَدَّعِيهَا فَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً وَقَالَ: أَرَدْتُ الْإِخْبَارَ وَإِنَّمَا هِيَ ذَاتُ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِاتِّفَاقِ الْمَذْهَبِ وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ أَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَالْمَذْهَبُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ جُمْلَةً، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَحْلِفُ جُمْلَةً، وَالثَّالِثُ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ أَمْ لَا فَإِنْ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَ إرَادَةِ الرَّجْعَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِأَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ النِّيَّةَ وَعَدَمَهَا فَهَلْ تَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ أُخْرَى فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ نَوَى إخْبَارَهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ التَّطْلِيقَةِ الْأُولَى وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِهِ لِلرَّجُلِ: قَدْ طَلْقَتُهَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ وَلَا يَمِينٍ نَوَى الْإِعْلَامَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ، انْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: وَلَوْ كَانَ إنَّمَا قَالَ لَهُ: قَدْ طَلَّقْتُهَا لَكَانَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَدْ طَلَّقْتُهَا خَبَرٌ وَلَيْسَ فِيهِ إيقَاعُ طَلَاقٍ مُبْتَدَأٍ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ طَلِّقْهَا مِثْلُ قَوْلِهِ قَدْ طَلَّقْتُهَا لَيْسَ إيقَاعَ طَلَاقٍ مُبْتَدَإٍ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي أَوْقَعَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ طَلْقَةً ثُمَّ سَأَلَهُ، فَقَالَ: هِيَ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْقَعَ طَلْقَةً عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ تَبِينُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَكَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي أَوْقَعَهُ طَلَاقَ الْخُلْعِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ مَسْأَلَةَ مَنْ قِيلَ أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ، فَقَالَ: نَعَمْ مِثْلُ مَا طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ فِي آخِرِ سَمَاعِ عِيسَى وَمَسْأَلَةَ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا مُطَلَّقَةُ فِي رَسْمِ النُّذُورِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ وَانْظُرْ النَّوَادِرَ فِي آخِرِ كِتَابِ طَلَاقِ