عَنْ أَبِيهِ فِيمَنْ حَلَفَ بِالْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَحَنِثَ بَعْدَهُ وَنَوَى وَاحِدَةً وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْحِنْثِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَا يَنْوِي؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ الْحِنْثِ مِمَّنْ لَا يَنْوِي وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا يَوْمَ الْحِنْثِ فَيَجِبُ أَنْ يُرَاعَى صِفَةُ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الطَّلَاقِ ذَلِكَ الْيَوْمَ، قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إلَّا أَنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَلَهُ الرَّجْعَةُ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: إذَا حَلَفَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِالْحَرَامِ أَوْ الْخَلِيَّةِ أَوْ الْبَرِيَّةِ ثُمَّ حَنِثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ، فَقَالَ: نَوَيْت وَاحِدَةً فَلَهُ ذَلِكَ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْيَمِينِ يَوْمَ أَوْقَعَهَا لَا يَوْمَ الْحِنْثِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمَ الْيَمِينِ بِصِفَةِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ يَمِينُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ يَمِينُهُ وَلَوْ كَانَ يَوْمَ الْيَمِينِ بِصِفَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ الْأَيْمَانُ وَكَانَ يَوْمَ الْحِنْثِ بِصِفَةِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْأَيْمَانُ لِذَهَابِ عَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ حَلَفَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِحَرَامٍ أَوْ خَلِيَّةٍ أَوْ بَرِيَّةٍ ثُمَّ حَنِثَ بَعْدَهُ فَالْأَحْسَنُ ثُبُوتُهُ، انْتَهَى.

ص (وَنَوَى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي وَانْصَرِفِي)

ش: هُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِي نَفْيِهِ وَعَدَدِهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ فِي نَفْيِهِ أَيْ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ قُبِلَ مِنْهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ. وَيَحْلِفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ عَلَى الْحَلِفِ فِي أَنْتِ سَائِبَةٌ أَوْ عَتِيقَةٌ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ إلَّا إذَا قَصَدَ الطَّلَاقَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَالتَّخْيِيرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلَهُ وَفِي عَدَدِهِ فَانْظُرْ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ نَصَّ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ نَقَلَهُ عَنْ أَصْبَغَ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَحَكَاهُ فِي الشَّامِلِ بِقِيلَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلَامَ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ (قُلْت) فِي قَبُولِهِمَا إيَّاهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ دَلَّ عَلَى الثَّلَاثِ بِذَاتِهِ لَمْ يُفْتَقَرْ لِنِيَّةِ الطَّلَاقِ.

وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ إلَّا بِنِيَّةِ الطَّلَاقِ فَالنِّيَّةُ كَاللَّفْظِ وَلَفْظُ الطَّلَاقِ لَا يُوجِبُ بِنَفْسِهِ عَدَدًا، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الطَّلَاقِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الرَّمَّاحِ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَنَقَلَ كَلَامَ أَصْبَغَ ثُمَّ قَالَ: كَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ يَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ دَلَّ عَلَى الثَّالِثِ بِذَاتِهِ لَمْ يُفْتَقَرْ لِنِيَّةِ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ إلَّا بِنِيَّةِ الطَّلَاقِ فَالنِّيَّةُ كَاللَّفْظِ وَهُوَ يُوجِبُ مُطْلَقَ الطَّلَاقِ وَهُوَ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَنْوِيَ أَكْثَرَ وَكَذَلِكَ هَذَا وَبِهِ كَانَ يُفْتِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي هَذَا الْجَوَابِ اهـ.

وَقَالَ فِي آخِرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ فِي الَّذِي يَقُولُ لِلْمَمْلُوكَةِ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَاشْتَرَاهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَيَتَزَوَّجُهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْحُرِّيَّةِ وَالْحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ فَلَا تَكُونُ طَالِقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ وَإِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا تَكُونُ حُرَّةً إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ مِنِّي فَفِي الثَّمَانِيَةِ أَنَّهَا طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ وَفِي التَّخْيِيرِ مِنْهَا لِابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ الطَّلَاقَ وَلَا يَلْزَمُهُ اهـ.

ص (وَدَيْنٌ فِي نَفْيِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ)

ش:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015