لِابْنِ سَعْدُونٍ فِي شَرْحِهِ نِكَاحَ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إذَا اشْتَرَطَ فِي الْخُلْعِ الزَّوْجُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ لَهُ الْخُلْعُ عَلَى مَا وَقَعَ فَالْعِصْمَةُ بَاقِيَةٌ غَيْرُ مُنْفَصِلَةٍ فَالشَّرْطُ يَنْفَعُهُ وَمَتَى طَلَبَ مِنْهُ مَا أَخَذَ كَانَتْ زَوْجَتَهُ كَمَا كَانَتْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ أَيْضًا وَالْبَرْزَلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْخُلْعِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ: وَسُئِلَ عَمَّنْ صَالَحَ زَوْجَتَهُ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهُ سَنَتَيْنِ وَتَكْفُلَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَتْ فَأَبُوهَا ضَامِنٌ لِنَفَقَتِهِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ سِتَّ سِنِينَ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ هَذَا الصُّلْحِ جَائِزًا فَلَهُ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا، قَالَ مَالِكٌ: الشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَا يَصْلُحُ فِي صُلْحِ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَا بِالصُّلْحِ وَتَفَرَّقَا عَلَى ذَلِكَ فَمَا كَانَ فَوْقَ الرَّضَاعِ فَهُوَ ثَابِتٌ عَلَى الْأَبِ يُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهِ وَمَا اشْتَرَطَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الصُّلْحُ جَائِزًا فَلَهُ الرَّجْعَةُ فَهَذَا بَاطِلٌ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، قَالَ سَحْنُونٌ: تَلْزَمُهَا النَّفَقَةُ وَلَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةٍ لَكَانَ ذَلِكَ لَازِمًا لَهَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ فِي اشْتِرَاطِ الرَّجْعَةِ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الصُّلْحُ جَائِزًا أَنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ صَحِيحٌ بَيِّنُ الْمَعْنَى فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدْ حَكَمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا بِالصُّلْحِ كَانَ جَائِزًا أَوْ غَيْرَ جَائِزٍ فَاشْتِرَاطُهُ أَنْ تَكُونَ لَهُ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الصُّلْحُ جَائِزًا أَلَّا يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ حُكْمَ الشَّرْعِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ» ، انْتَهَى.

وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ كَلَامِهِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِرُمَّتِهِ وَاخْتِصَارُ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِالْغَرَرِ.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ خَالَعَ عَلَى أَنَّهَا إنْ طَلَبَتْ مَا أَعْطَتْهُ أَوْ خَاصَمَتْهُ عَادَتْ زَوْجَةً وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ شَرَطَ إنْ طَلَبَتْ مَا أَعْطَتْهُ عَادَتْ زَوْجَةً لَمْ يَنْفَعْهُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَإِنْ ظَنَنَّا أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُ فَعَادَتْ تَحْتَهُ بِذَلِكَ وَوَطِئَهَا فَلْيُفَارِقَا وَلَهَا مَا رَدَّ إلَيْهَا صَدَاقًا وَلَوْ صَالَحَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ أَعْطَتْهُ وَقَدْ حَمَلَتْ أَوْ عَلَى أَنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْحَمْلِ وَالرَّضَاعِ فَهَذَا الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَيَرُدُّ إلَيْهَا مَا أَخَذَ وَلَهَا النَّفَقَةُ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ تَضَعَ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَبَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَيْسَ بِنَاكِحٍ فِي عِدَّةٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِهِ مَا قُلْت لَكَ، انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ وَمِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ مَالِكٌ: إنْ شَرَطَ إنْ خَاصَمَتْهُ فَهِيَ رَدٌّ إلَيْهِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَا خُلْعَ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ فَذَلِكَ خُلْعٌ، قَالَ: قَدْ بَانَتْ مِنْهُ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: وَإِذَا خَالَعَهَا فِي سَفَرٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ بَلَدَهُ فَمَا أَخَذَ رَدَّ فَمَاتَ فِي سَفَرِهِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالصُّلْحُ مَاضٍ وَلَا يَتَوَارَثَانِ، انْتَهَى.

وَفِيهِ مَسَائِلُ غَيْرُ مَا ذُكِرَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا مَسْأَلَةٌ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ وَذِي رِقٍّ، قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَالْتِزَامُ الْأَمَةِ فَاسِدٌ وَاخْتِلَاعُهَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ صَحِيحٌ وَلَا يَكُونُ السَّيِّدُ ضَامِنًا لِلْمَالِ، انْتَهَى. وَفِي مَسَائِلِ الْخُلْعِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ تَمَامِ الْخُلْعِ إشْهَادُ الْأَمَةِ عَلَى نَفْسِهَا بِالرِّضَا وَلَكِنَّ الْأَمْرَ نَافِذٌ فِي ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءٌ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ تُطَلِّقَ عَلَى نَفْسِهَا وَلَا أَنْ يَفْعَلَ بِعَبْدِهِ فِعْلًا يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ نِكَاحِهِ

ص (وَجَازَ مِنْ الْأَبِ عَنْ الْمُجْبَرَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ)

ش: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهَا.

[فُرُوعٌ لَوْ كَانَ الْأَبُ فَوَّضَ إلَى الْوَصِيِّ الْعَقْدَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ]

(فُرُوعٌ. الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ، قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ فِي وَثَائِقِهِ: وَلَوْ كَانَ الْأَبُ فَوَّضَ إلَى الْوَصِيِّ الْعَقْدَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ لَوَجَبَ أَنْ يُبَارِئَ عَنْهَا فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ، انْتَهَى.

(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: فَإِنْ عَقَدَ الْخُلْعَ عَلَى الْيَتِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلِيٍّ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَى زَوْجِهَا وَالطَّلَاقُ مَاضٍ وَهَلْ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الَّذِي عَقَدَ مَعَهُ الْخُلْعَ إذَا لَمْ يَضْمَنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015