وَالْعِيدِ وَقُدُومِ الْغَائِبِ وَكُلِّ سُرُورٍ حَادِثٍ وَهَذَا مَا أَوْرَدَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْقُرْطُبِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي كَشْفِ الْقِنَاعِ لَمَّا ذَكَرَ أَحَادِيثَ تَقْتَضِي الْمَنْعَ، قَالَ: وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ تَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ فِي النِّكَاحِ وَأَوْقَاتِ السُّرُورِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الْمَوَاضِعُ مِنْ الْمَنْعِ الْمُطْلَقِ، انْتَهَى.
وَقَالَ قَبْلَهُ: قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: مِنْ السُّنَّةِ إعْلَانُ النِّكَاحِ بِالدُّفِّ، انْتَهَى. وَقَالَ بَعْدَ هَذَا وَقَبْلَ الْأَوَّلِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ مِنْ كَلَامٍ ذَكَرَهُ وَقَسَّمَهُ: إنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ الْمُشْهِرَةِ لِلنِّكَاحِ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ وَذَكَرَ الدُّفَّ مِنْهَا، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَلَا يَجُوزُ تَعَمُّدُ شَيْءٍ مِنْ اللَّهْوِ وَلَا مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَرُخِّصَ فِي الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ، وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ أَقْوَالٌ، انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ فِي الدُّفِّ بِالْجَلَاجِلِ مَا نَصُّهُ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَمَّا اسْتَثْنَى الدُّفَّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ: وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ الطَّارَّاتُ ذَاتُ الصَّلَاصِلِ وَالْجَلَاجِلِ لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الْإِطْرَابِ وَإِذَا كَانَ الضَّارِبُ بِهَا رَجُلًا، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُزَيْنٍ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ.
قَالَ أَصْبَغُ: لَا يَكُونُ الدُّفُّ إلَّا لِلنِّسَاءِ وَلَا يَكُونُ عِنْدَ الرِّجَالِ ثُمَّ، قَالَ: وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْهُ يَعْنِي مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ الْجَلَاجِلِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَذَهَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ إلَى جَوَازِ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ فِي الْعُرْسِ إلَّا لِلْجَوَارِي الْعَوَاتِقِ فِي بُيُوتِهِنَّ وَمَا أَشْبَهَهُنَّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَيَجْرِي لَهُنَّ مَجْرَى الْعُرْسِ إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ذَكَرَهُ فِي مُؤَلَّفِهِ فِي السَّمَاعِ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الطُّبُولِ وَالْقُرْطُبِيُّ الْمَالِكِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ الْحَنَابِلَةِ اسْتِثْنَاءُ طَبْلِ الْحَرْبِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَيَحْيَى بْنِ مُزَيْنٍ وَالْمِزْهَرُ أَعْنِي الثَّلَاثَةَ الْأَقْوَالَ وَالْخِلَافَ فِي اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالنِّسَاءِ أَوْ يَعُمُّ الرِّجَالَ ثُمَّ، قَالَ: تَنْبِيهٌ: الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْمِزْهَرَ الْعُودُ، وَلَمْ أَرَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ ذَكَرَ خِلَافَهُ وَكُتُبُ الْفُقَهَاءِ مُخَالِفَةٌ لِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَعْنُونَ بِالدُّفِّ الْمُرَبَّعَ الْمَغْلُوفَ وَصَرَّحَ بِهِ يَحْيَى بْنُ مُزَيْنٍ الْمَالِكِيِّ وَالْكَبَرُ الطَّبْلُ الْكَبِيرِ وَلَعَلَّهُ الطَّلَخَانَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي رَسْمِ سَلَفَ دِينَارًا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَفِي رَسْمِ النِّكَاحِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَاسْتَوْفَى ابْنُ رُشْدٍ الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي سَمَاعِ عِيسَى الْمُتَقَدِّمِ ذَكَرَهُ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ سَمَاعِ عِيسَى وَكَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ ثُمَّ نَتْبَعُهُ بِمَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ، قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُدْعَى إلَى الصَّنِيعِ فَيَجِدُ بِهِ اللَّعِبَ أَيَدْخُلُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ الشَّيْءُ الْخَفِيفُ مِثْلَ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ النِّسَاءُ فَمَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُرِيدُ بِالصَّنِيعِ صَنِيعَ الْعُرْسِ أَوْ صَنِيعَ الْعُرْسِ وَالْمُلَّاكِ عَلَى مَا قَالَهُ أَصْبَغُ فِي سَمَاعِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي رُخِّصَ فِيهِ بَعْضُ اللَّهْوِ فِيهِ لِمَا يُسْتَحَبُّ مِنْ إعْلَانِ النِّكَاحِ وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْت عَلَى إجَازَةِ الدُّفِّ وَهُوَ الْغِرْبَالُ فِي الْعُرْسِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُمَا يُحْمَلَانِ جَمِيعًا مَحْمَلَ الْغِرْبَالِ وَيَدْخُلَانِ مَدْخَلَهُ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِمَا فِي الْعُرْسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَحْمَلَهُ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي عُرْسٍ وَلَا غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي سَمَاعِهِ بَعْدَ هَذَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ جَامِعِ الْبُيُوعِ أَنَّ الْكَبَرَ إذَا بِيعَ يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَيُؤَدَّبُ أَهْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ فِي الْكَبَرِ فَأَحْرَى أَنْ يَقُولَهُ فِي الْمِزْهَرِ؛ لِأَنَّهُ أَلْهَى مِنْهُ.
(وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ يُحْمَلُ مَحْمَلَهُ وَيُدْخَلُ مُدْخَلَهُ فِي الْكَبَرِ وَحْدَهُ دُونَ الْمِزْهَرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُنَا وَفِي رَسْمٍ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ السَّرِقَةِ أَنَّ السَّارِقَ يُقْطَعُ فِي قِيمَةِ الْكَبَرِ صَحِيحًا وَلِابْنِ كِنَانَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إجَازَةُ الْبُوقِ فِي الْعُرْسِ فَقِيلَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْبُوقَاتِ وَالزَّمَّارَاتِ الَّتِي لَا تُلْهِي كُلَّ